للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قيل: لا يمنعُ ذلك أن يكونا من الوجه، كما قال: {يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ (٤٤)} [الرحمن: ٤٤]، فلم يمنعْ تمييزه بين الحميم وبينَ جهنَّمَ أن يكون من جهنَّم، ولأنه أفردهما لأنه خصَّ الوجه بمعنى آخرَ وهو خطايا النَّظَرِ، ولأنهُ يمكن فعلهما في حالٍ، فجمَعَ بينهما في الذِّكْرِ، ولا يمكنُ جَمعُهما مع الوجه في الاستعمالِ، فأفردا بالذكر، وإنما لم يَجِبْ غسلُ باطن العينين؛ لأنه يورِثُ العَمَى فسقط للمشقَّةِ.

وفيهما في الغُسل روايتان:

إحداهما: لا يجبُ للمشَقَّةِ.

والأخرى: يَجِب لعدم التَّكرار.

واختلف أصحابنا في المبالغة في الاستنشاق، فقال ابنُ أبي علي (١): هي غيرُ واجبةٍ لأنها تسقُطُ (ظ/٢٤٠ ب) في صوم التَّطَوعُّ، وقال أبو إسحاق (٢): هي واجبةٌ، ولا يدلُّ سقوطُها في الصَّوم على سقوطِ فرضِها في غيره؛ لأن سَفَرَ التطَوعِّ يُسْقِطُ الجُمعَة، ولا تسقطُ في غير السَّفَرِ.

وأجاب أبو حفص: بأن الجمعةَ منها بَدَلٌ، وليس من المبالغة بَدَلٌ.

وأجاب أبو إسحاق: بأنه قد يسقطُ الفرض بالتَّطَوعُّ ولا بَدَلَ، كالسَفَرِ يسقِطُ بعض الصَّلاة.

قال: إلى قيل: يلزمُ أن يجعلَ ما خلفَ الأذُن من البياضِ من الرأسِ؟

قيل: يقول: إنه منه.

قل: يلزمُ أن يجوزَ الاقتصارُ من التقصِيرِ من شعر الأذن؟


(١) كذا في الأصول، ولم أتبينه، ولم أجد من يُعرف بهذا اللقب من الحنابلة، والمسألة مذكورة في كتبهم، ولم تنسب لقائل معيّن، بل إلى الأكثر.
(٢) هو: ابن شاقلا.