للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٢١)} تعليلًا للأمر بالعبادةِ (١)، ونظيره قوله تعالى: (ق/٣٦٣ ب) {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٨٣)} [البقرة: ١٨٣]، فهذا تعليلٌ لِكَتْب الصِّيام، ولا يمتنعُ أن يكونَ تعليلا للأمرينِ معًا، وهذا هو الألْيَق بالآية، والله أعلم.

ثم قال تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ} [البقرة: ٢٢]، فذكر تعالى دليلًا آخَر متَضَمِّنا للاستدلالِ بحكمتهِ في مخلوقاتِه.

فالأوَّل: متضمِّنٌ لأصلِ الخَلْق والإيجاد، ويسمى: "دليلَ الاختراعِ والإنشاء".

والثاني: متضمنٌ (٢) للحِكم المشهودة في خلْقِه، ويسمَّى: "دليلَ العنايةِ والحكمةِ"، وهو تعالى كثيرًا ما يكرِّر هذينِ النوعينِ (٣) من الاستدلالِ في القرآن.

ونظيرُه قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ (٣٢) وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (٣٣)} [إبراهيم: ٣٢ - ٣٣] فذكر خَلْق السموات والأرض، ثم ذكر منافعَ المخلوقات وحِكَمَها.

ونظيره قوله تعالى: {أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ


(١) (ع): "بالأمر للعبادة".
(٢) (ق وع): "يتضمن".
(٣) في الأصول: "هذان النوعان"!.