للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تضمَّنَ تحقيقَ الحقِّ وإيضاحَه وإبطالَ الباطل وإدحاضه (١) كان من أحسنِ الأشياءِ، والحُسْنُ لا يستحيا منه، فهذا جواب الاعتراض. فكأن معترضاً اعترض على هذا الجواب أو طلب (ق/ ٣٦٥ أ)، حكمَةَ ذلك، فأخبر تعالى عما له في ضَرب تلك الأمثالِ من الحكمةِ، وهي: إضلالُ من شاء، وهدايَةُ من شاء. ثم كأنَّ سائلًا سألَ عن حكمةِ الإضلال لمنْ يضلُّهُ بذلك، فأخبر تعالى عن حكمتهِ وعدلِه، وأنه إنما يضلُّ به الفاسقين: {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ} [البقرة: ٢٧] فكانت أعمالهم هذه: (٢) القبيحة التي ارتكبوها سببًا لأن أضلَّهم وأعمالهم عن الهدى.

* ومن ذلك قولُه تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٨)} [البقرة: ٢٨]، وهذا استدلالٌ قاطعٌ على أن الإيمان بالله أمر مستقِرٌّ في الفطَرِ والعقولِ، وأنه لا عذرَ لأحدٍ في الكفرِ به ألبَتَّةَ، فذكر تعالى أربعةَ أمور؛ ثلاثة منها مشهودة في هذا العالم، والرابع مُنْتَظر موعودٌ به وعدَ الحقِّ.

الأول: كونهم كانوا أمواتاً لا أرواحَ فيهم، بك نُطَفاً وعَلَقاً ومُضْغَةً مَوَاتا لا حياةَ فيها.

الثاني: أنه تعالى أحياهم بعدَ هذه الإماتَةِ.

الثالث: أنه تعالى يُميتهم بعدَ هذه الحياة.


(١) سقطت من (ع وظ).
(٢) (ق): "وكانت هذه الأعمال ... ".