للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مشتملا على الحق, فالحق سابق لخلقها, مقارن له, غاية له, ولهذا أتى بالباء الدالة على هذا المعنى دون اللام المفيدة لمعنى الغاية وحدها, فالباء مفيدة معنى اشتمال خلقها على الحق السابق والمقارن والغاية.

فالحق السابق: صدور ذلك عن علمه وحكمته, فمصدر خلقه تعالى وأمره عن كمال علمه وحكمته, وبكمال هاتين الصفتين يكون المفعول الصادر عن الموصوف (١) بهما حكمه كله, ومصلحة وحقا (٢) , ولهذا قال تعالى: {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (٦)} [النمل: ٦] , فأخبر أن مصدر التلقي عن علم المتكلم وحكمته (٣) , وما كان كذلك كان صدقا وعدلا, وهدى وإرشادا, وكذلك قالت الملائكة لامرأة إبراهيم حين قالت: {عَجُوزٌ عَقِيمٌ (٢٩) قَالُوا كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (٣٠)} (٤) [الذاريات: ٢٩] , وهذا راجع إلى قوله وخلقه, وهو خلق الولد لها على الكبر.

وأما مقارنة الحق لهذه المخلوقات: فهو ما اشتملتْ من الحكم والمصالح والمنافع والآيات الدالة للعباد (ق / ٣٧٧ أ) على إلههم ووحدانيته وصفاته, وصدق رسله, وأن لقاءه حق لا ريب فيه, ومن نظر في الموجودات ببصيرة قلبه, رآها كالأشخاص الشاهدة الناطقة


(١) (ظ): " الوصف".
(٢) (ق): "كليه ومصلحه وحق".
(٣) من قوله: "ومصلحة وحقًا ... " إلى هنا ساقط من (ظ).
(٤) في الأصول: "أألدُ وأنا عجوز عقيم قالوا كذلك ... "! وليس في القرآن آية بهذا السياق، ففى هود: {قَالَتْ يَاوَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا ... } [هود: ٧٢]، وأثبتنا ما: في سورة الذاريات لأنه أقرب إلى سياق المؤلف.