للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بدليل واضح: أن الروح مركوز في أصل فطرتها وخلقتها شهادة (أن لا إله إلا الله, وأن محمدا عبده ورسوله) , وأن الإنسان لو استقصى التفتيش لوجد ذلك مركوزا في نفس روحه وذاته وفطرته.

فلو تأمل العاقل الروح وحركتها فقط؛ لاستخرج منها الإيمان بالله تعالى وصفاته, والشهادة بأنه لا إله إلا هو, والإيمان برسله وملائكته ولقائه, وإنما يصدق بهذا من أشرقت شمس (ظ / ٢٦١ ب) الهداية على أفقِ قلبه, وانجابت عنه سحائب غيه (١) , وانكشف عن قلبه حجاب: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (٢٣)} [الزخرف: ٢٣] , فهنالك يبدو له سر طال عنه اكتتامه, ويلوح له صباحٌ هو (٢) ليلة وظلامه. فقف الآن (ق / ٣٧٧ ب) عند كل كلمة من قوله تعالى: {إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ (٣) وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٤) وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٥)} [الجاثية: ٣ - ٥].

ثم تأمل وجه كونها آية, وعلى ماذا جعلت آية؟ أعلى مطلوب واحد أم مطالب متعددة, وكذلك سائر ما في القرآن الكريم من هذا النمط, كآخر (آل عمران) , وقوله في سورة (الروم): {وَمِنْ آيَاتِهِ} [الروم: ٢٠] إلى آخرها, وقوله في سورة (النمل): {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} [النمل: ٥٩] إلى آخر الآيات, وأضعاف ذلك في القرآن الكريم وكقوله في سورة (الذاريات): {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (٢٠) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (٢١)} [الذاريات: ٢٠] , {وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (١٠٥)} [يوسف: ١٠٥]


(١) (ع): "غيبه".
(٢) كذا في الأصول، وفي العبارة نقص أو تحريف.