للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ (٣٩)} [النحل: ٣٩] , قال تعالى: (ق / ٣٧٨ أ) {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (٣) إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (٤)} [يونس: ٣ - ٤].

فتأمل الآن كيف اشتمل خلقُ السموات والأرض وما بينهما على الحق أولا وآخرا ووسطا, وأنها خلقت بالحق وللحق, وشاهدة بالحق, وقد أنكر تعالى على من زعم خلاف ذلك, فقال: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (١١٥)} [المؤمنون: ١١٥] ثم نزه نفسه عن هذا الحسبان المضاد لحكمته وعلمه وحمده, فقال: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (١١٦)} [المؤمنون: ١١٦].

وتأمل ما في هذين الاسمين, وهما {الْمَلِكُ الْحَقُّ} من إبطال هذا الحسبان الذي ظنه أعداؤه, إذ هو مناف لكمال ملكه, ولكونه الحق, إذ الملك الحق هو الذي يكون له الأمر والنهي, فيتصرف في خلقه بقوله وأمره, وهذا هو الفرق بين الملك والمالك؛ إذ المالك هو المتصرف بفعله, والملك هو المتصرف بفعله (١) وأمره, والرب تعالى مالك الملك فهو المتصرف بفعله وأمره (٢).

فمن ظن أنه خلق خلقه عبثا لم يأمرهم ولم ينههم فقد طعن في


(١) "بفعله، والملك هو المتصرف بفعله" سقطت من (ق).
(٢) من قوله: "والرب تعالى ... " إلى هنا سقط من (ظ).