للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ونظيرُه أيضًا: أنه لم يضمن أسامة قتيله بعد إسلامه بقصاصٍ ولا ديةٍ ولا كفارةٍ (١).

ولا تجد هذه النظائر مجموعة في موضع, فالتأويل والاجتهاد في إصابة الحق, منع في هذه المواضع من الإعادة والتضمين.

وقاعدة هذه الباب: أن الأحكام إنما تثبت في حق العبد بعد بلوغه هو, وبلوغها إليه, فكما (٢) لا يترتب في حقه قبل بلوغه هو, فكذلك لا يترتب في حقه قبل بلوغها إليه, وهذا مجمع عليه في الحدود, أنها لا تقاوم إلا على من بلغه تحريم أسبابها, وما ذكرناه من النظائر يدل على ثبوت ذلك في العبادات والحدود.

ويدل عليه أيضا في المعاملات قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨)} [البقرة: ٢٧٨] , فأمرهم تعالى أن يتركوا ما بقي من الربا, وهو ما لم يقبض, ولم يأمرهم بردِّ المقبوض؛ لأنهم قبضوه قبل التحريم, فأقرهم عليه, بل أهل قباء صلوا إلي القبلة المنسوخة بعد بطلانها, ولم يعيدوا ما صلوا, بل استداروا في صلاتهم وأتمُّوها, لأن الحكم لم يثبت في حقهم إلا بعد بلوغه إليهم, وفي هذا الأصل ثلاثة أقوال للفقهاء وهي لأصحاب أحمد:

هذا أحدها, وهو أصحها, وهو اختيار شيخنا (٣) رضي الله عنه.


(١) أخرجه البخاري رقم (٤٢٦٩)، ومسلم رقم (٩٦) من حديث أسامة بنْ زيد - رضي الله عنه-.
(٢) (ق): "مع أنه".
(٣) انظر: "مجموع الفتاوي": (٢١/ ١٦٠ - فما بعدها).