للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: "إن شاء الله" ليس تعليقًا لها عندكم، فإن التعليق إنما يعمل في الجزاء، وهذه ليست بجزاء، وإنما هي خبر محض، والجزاء عندكم محذوف، فلما قالوا: إنه لا يعتق، دل على أن المتقدم نفسه جزاء معلق، هذا تقرير الدلالة، ولكن ليس هذا باتفاق، وقد ذهبت طائفة من السلف والخلف إلى أن الشرط إنما يعمل في تعليق الحكم، إذا تقدم على الطلاق (١)، فتقول: "إن شاء الله فأنت طالق"، فأما إن تقدَّم: الطلاق، ثم عقبه بالتعليق، فقال: "أنت طالق إن شاء الله"؛ طلقت, ولا ينفع التعليق، وعلى هذا فلا يبقى فيما ذكر حُجة، ولكن هذا المذاهب شاذ، والأكثرون على خلافه، وهو الصواب؛ لأنه إما جزاءٌ لفظًا ومعنًى قد اقتضاه التعليق على قول الكوفيين، وإما أن يكون جزاء في المعنى، وهو [نائب] (٢) عن (٣) الجزاء المحذوف ودال عليه. فالحكم تَعلَّقَ به على التقديرين، والمتكلِّم إنما بنى كلامه عليه.

وأما قول ابن السرَّاج: "إنه قصد الخبر جزمًا، ثم عقبه (٤) بالجزاء"؛ فليس كذلك، بل بنى كلامه على الشرط، كما لو قال له: علَيَّ عشرة إلاّ درهمًا، فإنه لم يُقر بالعشرة ثم أنكر منها (٥) درهمًا، ولو كان. كذلك لم ينفعه الاستثناء. ومن هنا قال بعض الفقهاء: إن الاستثناء لا ينفع في الطلاق،


(١) (ق): "الإطلاق".
(٢) في الأصول: "ثابت" والمثبت هو الصواب.
(٣) من (ق).
(٤) (ق): "علقه".
(٥) من (ق).