للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تارة، وعِصْمة الإجلال والمحبة أعظم من عِصمة الخوف، لأنَّ الخوف يتعلَّق بعقابه، والمحبة (١) والإجلال يتعلَّقان بذاته وما يستحقه تبارك وتعالى، فأين أحدهما من الآخر؟! ولهذا كان دين الحبِّ أثبت وأرسخ من دين الخوف وأَمكن وأعظم تأثيرًا، وشاهده ما نراه من طاعة المحب لمحبوبه وطاعة الخائف لمن يخافه، كما قال بعض الصحابة: "إنه ليستخرج حبه منِّي من الطاعة ما لا يستخرجه الخوف"، وليس هذا موضع بسط هذا الشأن العظيم القدر، وقد بسطته في: "كتاب الفتوحات القدسية" (٢).

الجواب الخامس (٣): أن "لو" أصلها أن تستعمل للرَّبط بين شيئين كما تقدَّم، ثم إنها قد تستعمل لقطع الرَّبط، فتكون جوابًا لسؤالٍ محقَّق أو متوهَّم وقع فيه ربط، فتقطعه أنت لاعتقادك بطلان ذلك الربط، كما لو قال القائل: "إن لم يكن زيدٌ زوجًا لم يرث"، فتقول أنت: "لو لم يكن زوجًا لورث"، تريد (٤): أنَّ ما ذكره من الربط بين عدم الزوجية وعدم الإرث ليس بحق، فمقصودك قطع ربط كلامه لا ربطه، وتقول: "لو لم يكن زيد عالمًا لأُكرِم"، أي: لشجاعته، جوابًا لسؤال سائل يتوهَّم أنه لو لم يكن عالمًا لما أُكرِم، فيربط بين عدم العلم والإكرام، فتقطع أنت ذلك الربط، وليس مقصودك أن تربط بين عدم العلم والإكرام؛ لأنَّ ذلك ليس بمناسِب ولا من أغراض العقلاء، ولا يتجه كلامك إلا على عدم الرَّبط.


(١) من قوله: "والإجلال تارة ... " إلى هنا ساقط من (ق).
(٢) لم يُعثر على شيءٍ من نسخه الخطية، انظر: "ابن القيم حياته وآثاره": (ص / ٢٧٨).
(٣) هذا الجواب للقرافي في كتابه "الفروق" ت (١/ ٩٠).
(٤) ليست في (ظ).