للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا فاسد، فإن "الواو" للتَّشْريك والجمع، و"إلا" للإِخراج وقطع التشريك، ونظائر ذلك.

وإن أراد: أَنَّ قَطْع الربط المتوهَّم مقصودٌ للمتكلم من أدلة؛ فهذا حق، ولكن لم ينشأ هذا من حرف "لو", وإِنَّما جاء من خصوصية ما صحبها من الكلام المتضمِّن لنفي ما توهَّمه القائل أو ادَّعاه، ولم يأت من قِبَل "لو".

فهذا كلام هؤلاء الفضلاء في هذه المسألة، وإنما جاء الإشكال سؤالًا وجوابًا من عدم الإحاطة بمعنى هذا الحرف ومقتضاه وحقيقته، وأنا أذكر حقيقة هذا الحرف ليتبين سر المسألة بعون الله:

فاعلم أن "لو" حرف وُضِع للملازمة بين أمرين, يدل على أَنّ الجزء (١) الأول منهما ملزوم والثاني لازم، هذا وَضْعُ هذا الحرف وطبيعته، وموارده في هذه الملازمة أربعة؛ فإنه إِما أنْ يلازم بين ثبوتين أو نفيين، أو بين ملزوم مثبت ولازم منفي، أو عكسه، ونعتي بالثبوت والنفي هنا: الصوري اللفظي لا المعنوي (٢).

فمثال الأول: {قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ} [الإسراء: ١٠٠] , {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا (٦٤)} [النساء: ٦٤] , {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (٦٦)} [النساء: ٦٦] ونظائره. ومثال الثاني: "لَوْ لَمْ تكنْ رَبِيْبَتِي في حَجْرِي لَما حَلَّتْ لي"،


(١) (ق): "الجزءين".
(٢) العبارة في (ق): "ونعني بالثبوت هنا وبالنفي الصوري اللفظي لا المعنوي"!.