للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الموضع للمستقبل؛ فقد عُلِّل بنْحو هذه العلة، وأن الأَداة تدل (١) على الاستقبال فعدلوا إلى الماضي؛ لأنه أخفُّ، وهي -أيضًا- غير مُطَّردة ولا مستقلَّة، ولو لم ينقض عليهم إلا بسائر الأدوات التي لا يكون الفعل بعدها إلا مستقبلًا، ومع ذلك لا يقع (٢) بلفظ الماضي.

وأحسن مما ذكروه أن يقال: عَدَل عن المستقبل هنا إلي صيغة الماضي، إشارة إلى (ق/ ٤٠ ب)، نكتة بديعة، وهي: تنزيل الشرط بالنسبة إلى الجزاء منزلةَ الفعل الماضي، فإن الشرط لا يكون إلَّا (٣) سابقًا للجزاء متقدِّمًا عليه، فهو ماضٍ بالإضافة إليه.

ألا ترى أنك إذا قلت: "إن اتقيتَ اللهَ أدخلكَ جنته"، فلا تكون إلا سابقة على دخول الجنة، فهو ماض بالإضافة (٤) إلى الجزاء، فأتوا للفظ الماضي تأكيدًا للجزاء وتحقيقًا؛ لأن الثاني لا يقع إلا بعد تحقق الأول ودخوله في الوجود، وأنه لا يُكتفى فيه بمجرد العزم وتوطين النفس عليه الذي يكون (٥) في المستقيل، بل لا سبيلَ إلى نيلِ الجزاء إلا بتقدُّم الشوط عليه وسَبْقِه له، فأتى بالماضي لهذه النكتة البديعة مع أَمْنهم اللبسَ بتحصين أداة الشرط لمعنى الاستقبال فيهما.

يبقى أن يُقَال: فهذا تقرير حَسَن في فعل (٦) الشرط، فما الذي حَسَّن وقوعَ الجزاء المستقبل من كلِّ وجهٍ بلفظ الماضي إذا قلت:


(١) (ظ ود): "وأن الإرادة ... " و (ظ ود): "ولا تدل".
(٢) بعده في (ق): "إلا".
(٣) من (ق).
(٤) (ق): "فهي ماضٍ بالنسبة".
(٥) من (ق).
(٦) (ق): "معنى"!.