للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يليق بها (١)، فقال: الوَقْف التام على {السَّمَاوَتِ}، ثم يبتدئ بقوله تعالى: {وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ}، وغلِطَ في فَهْم الآية، وإنما معناها ما أخبرتُكَ به، وهو قول محقِّقي أهل التفسير (٢).

وتأمل كيف جاءت مفردة في قوله: {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (٢٣)} [الذاريات: ٢٣] إرادة لهذين الجنسين، أي: رب كل ما علا وكل ما سَفل، فلما كان المراد عموم ربوبيته أتى بالاسم العام (٣) الشامل لكلِّ ما يسمى سماءً، وكل ما يسمى أرضًا، وهو أمر حقيقيٌّ لا يتبدَّل ولا يتغير، وإن تبدلت عين (٤) السماء والأرض، فانظر كيف جاءت مجموعةً في قوله تعالى: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [الجمعة: ١] في جميع السور، لمَّا كان المراد الإخبار عن تسبيح سُكَّانها على كثرتهم وتباين مراتبهم لم (٥) يكن بُدٌّ من جمع محلهم.

ونظير هذا جمعها في قوله تعالى: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (١٩)} [الأنبياء: ١٩] وكذلك جاءت في قوله تعالى: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ} [الإسراء: ٤٤]، مجموعةً إخبارًا بأنها تسبِّح له بذواتها وأنفُسِها على اختلاف عددها، وأكَّد هذا المعنى بوصفها بالعدد، ولم يقتصر على السماوات فقط، بل قال: السبع.


(١) هذا اختيار ابن جرير في تفسيره (٥/ ١٤٨)، وانظر ابن كثير (٣/ ١٢٨٤).
(٢) انظر: "الجامع لأحكام القرآن": (٦/ ٢٥١)، و"مجموع الفتاوى": (٢/ ٤٠٤)، و"أضواء البيان": (٢/ ١٦٢ - ١٦٣).
(٣) ليست في (ظ ود).
(٤) (ق): "بين".
(٥) (ق): "إن لم".