للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وانظر كيف جاءت مفردة في قوله تعالى: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات: ٢٢] فالرزق: المطر، وما وعدنا به: الجنة، وكلاهما في هذه الجهة، لا أنهما في كل واحدة واحدة من السموات، فكان لفظ الإفراد أَلْيَق بها.

ثم تأمل كيف جاءت مجموعة في قوله تعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} [النمل: ٦٥] لمَّا كان المكان المراد نفي علم الغيب عن كلِّ من (١) هو في واحدة واحدة من السموات، أتى بها مجموعة.

وتأمل كيف لم يجيء في سياق الإخبار بنزول الماء منها (ق/ ٤٥ ب) إلا مفردة حيث وقعت، لما لم يكن المراد نزوله من ذات السماء بنفسها بل المراد الوصف.

وهذا باب قد فتحه اللهُ لي ولك؛ فَلِجْهُ، وانظر إلى أسرار الكتاب وعجائبه وموارد ألفاظه: جمعًا وإفرادا، وتقديمًا وتأخيرًا، إلى غير ذلك من أسراره، فلله الحمد والمنة لا يحصي أحد من خلقه ثناءً عليه.

فإن قيل: فهل يظهر فرق بين قوله تعالى في سورة يونس: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ} [يونس: ٣١] وبين قوله في سورة (٢) سبأ: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ} [سبأ: ٢٤].

قيل: هذا من أدق هذه المواضع، وأغمضها (٣)، وألطفها فرقًا،


(١) (ق): "شيء".
(٢) من قوله: سورة يونس ... " إلى هنا ساقط من (د).
(٣) (ق): "وأغمضها سورة".