للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتدبر السياق تجده مقتضيًا (١) لما وقع، فإن الآيات التي في سورة يونس سيقت مساقَ الاحتجاج عليهم بما أقرُّوا به (ظ/١٣٣ أ) ولم يمكنهم إنكار (٢)؛ من كون الرَّب -تعالى- هو رازقهم ومالك أسماعهم وأبصارهم، ومدبِّر أُمورهم وغيرها، ومخرج الحيِّ من الميت ومخرج الميتِ من الحي، فلما كانوا مقرين بهذا كلِّه حَسُن الاحتجاج به عليهم: إِنَّ فاعل هذا (٣) هو الله الذي لا إله غيره، فكيف يعبدون معه غيره ويجعلون له (٤) شركاء لا يملكون شيئًا من هذا، ولا يستطيعون فِعْلَ شيءٍ منه؟! ولهذا قال -بعد أن ذكر ذلك من شأنه تعالى-: {فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ}، أي: لابدَّ أنهم يقرون بذلك ولا يجحدونه، فلابدَّ أن يكون المذكور مما يقرون به.

والمخاطَبُون المحتجُّ عليهم بهذه الآية إنما كانوا مقرين بنزول الرزق من قِبَل هذه السماء التي يشاهدونها بالحس، ولم يكونوا مقرين ولا عالمين بنزول الرزق من (٥) سماءٍ إلى سماءٍ حتى تنتهي إليهم، ولم يَصِل علمهم إلى هذا؛ فأُفْرِدَت لفظ السماء هنا، فإنهم لا يمكنهم إنكار مجيء الرزقِ منها، لا سيما والرزق هاهنا إن كان هو المطر؛ فمجيئه من السماء الحي هي السحاب، فإنه يُسَمَّى سماءً لعلوِّه.

وقد أخبر سبحانه أنه يبسط السحابَ في السحاءِ بقوله: {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ} [الروم: ٤٨]، والسحاب


(١) (ظ ود): "نقيضًا".
(٢) سقطت من (ق).
(٣) (د): "ذلك".
(٤) سقطت من (ظ ود).
(٥) من قوله: "قبل هذه ... " إلى هنا ساقط من (د).