للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنما هو مبسوط في جهة العلوِّ لا في نفس الفلك، وهذا معلوم بالحس فلا يُلتفت إلى غيره، فلما انتظم هذا السياق (١) بذكر الاحتجاج عليهم؛ لم يصلح فيه إلا إفراد السماء؛ لأنهم لا يقرون بما ينزل من فوق ذلك من الأرزاق العظيمة للقلوب والأرواح والأبدان (٢)، من الوحي الذي به (٣) الحياة الحقيقية الأبدية، وهو أولى باسم الرزق من المطر الذي به الحياة الفانية المنقضية، فما ينزل من فوق ذلك من الوحي والرحمة والألطاف (ق/١٤٦) والموارد الزبانية والتنزلات الإلهية، وما به قوام العالم العلوي والسفلي من أعظم أنواع الرِّزق، ولكن القوم لم يكونوا مقرِّين به، فخُوطِبوا بما هو أقرب الأشياء إليهم بحيث يمكنهم إنكاره.

وأما الآية التي في سبأ؛ فإنه لم ينتظم بها ذكر إقرارهم بما يذكر من السموات؛ ولهذا أمرَ رسولَه بأن يتولَّى الجوابَ فيها، ولم يذكر عنهم أنهم هم المجيبون المقرون، فقال تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ} [سبأ: ٢٤] ولم يقل سيقولون الله، فأمر تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - بأن يجيب: بأن ذلك هو الله وحده الذي ينزل رزقه، على اختلاف أنواعِه ومنافعه من السموات السبع، وأما الأرض؛ فلم يدع السياق إلى جمعها في واحدة من الآيتين، إذ يقر به كلُّ أحدِ؛ مؤمن وكافر، وبر وفاجر.

ومن هذا الباب ذكر الرياح في القرآن جمعًا ومفردة؛ فحيث كانت في سياق الرحمة أتت (٤) مجموعةً، وحيث وقعت في سياق


(١) ليست فى (ظ ود).
(٢) (ظ ود): "ولابُدّ"!.
(٣) (ق): "فيه".
(٤) (ق): "جاءت".