للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تأتي بمعنى الواو باطلًا، لبعد ما بين معنييهما، وكذلك " أو" بمعنى" الواو"، فأين معنى الجمع بين الشيئين إلى معنى الإثبات لأحدهما؟ وكذلك مسئلتنا، أين معنى "أم" من معنى "بل"؟ فاسمع الآن فقه المسألة وسرِّها:

اعلم أن ورود "أم" هذه على قسمين: أحدهما: ما يتقدمه استفهام صريح بالهمزة، وحكمها ما تقدَّم، وهو الأصل فيها والآخِيَّةُ (١) التي يرجع إليها ما خرج عن ذلك. والثاني: ورودها مبتدأة مجرَّدةً من استفهام لفظي سابق عليها، نحو قوله تعالى: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً} [الكهف: ٩] وقوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} [الطور: ٣٠] وقوله تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا} (٢) [التوبة: ١٦]، {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ} [آل عمران: ١٤٢]، {أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ} [المؤمنون: ٦٩]، {أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ} [الزخرف: ١٦]، {أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ} (٣) [الطور: ٣٩] {أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ} [الزخرف: ٥٢] {أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً} [الروم: ٣٥]، وهو كثير جدًّا تجد فيه "أم" مبتدأ بها ليس قبلها استفهام في اللفظ، وليس هذا استفهام استعلام، بل تقريع وتوبيخ وإنكار وليس بإخبار (٤) فهو إذا متضمن لاستفهام سابق، مدلول عليه بقوة الكلام وسياقه، ودلت "أم" عليه؛ لأنها لا تكون إلا بعد تقدم استفهام،


(١) الآخيّة هي: عروة الحبل تشدّ إليها الدابة، والمعنى: أنها الأصل المرجوع والمحتكم إليه. انظر: "اللسان": (١٤/ ٢٣ - ٢٤).
(٢) الآية ليست في (ظ، د).
(٣) الآية ليست في (ق).
(٤) "وليس بإخبار" ليست في (ق).