للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كأنه يقول: "أيقولون: صادق أم يقولون: شاعر؟ " وكذلك: أم يقولون: تَقَوَّله، أي: أتصدقونه أم تقولون: تَقَوَّله؟! وكذلك {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ}، أي أبلغك خبرهم أم حسبت أنهم من آياتنا عجبًا. وتأمل كيف تجد هذا المعنى باديًا على صفحات قوله تعالى: {مَا لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ} [النمل: ٢٠] كيف تجد المعنى: أحَضَرَ أم كان (١) من الغائبين. وهذا يظهر كلَّ الظهور فيما إذا كان الذي دخلت عليه "أم" له ضد، وقد حصل الترددُ بينهما، فإذا ذُكِرَ أحدهما استُغْني به عن ذكر الآخر؛ لأن الضد يخطر بالقلب وهلة (٢) عند شعوره بضده.

فإذا قلت: ما لي لا أرى زيدًا أم هو في الأموات؟ كان المعنى الذي لا معنى للكلام (٣) سواه: أحيٌّ هو أم في الأموات. وكذلك قوله تعالى: {أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ} [الزخرف: ٥٢] معناه: أهو خير مني أم أنا خير منه. وكذلك قوله تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: ٢١٤] هو استفهام إنكار معادل لاستفهام مقدَّر في قوة الكلام. فإذا قلت: لم فعلت هذا أم حسبت أن لا أعاقبك (٤) كان معناه: أحسبت أني أعاقبك فأقدمت على العقوبة، أم حسبت أني لا أعاقبك (٥) فجهلتها. وكذلك قوله: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ


(١) من قوله: "على صفحات ... " إلى هنا ساقط من (ظ ود).
(٢) (ظ ود): "وهو".
(٣) (ق): "لك".
(٤) العبارة في (ق): "لم فعلت أم حسبت أني لا ... ".
(٥) من قوله: "كان معناه ... " إلى هنا ساقط من (ظ ود).