للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَقَدْ أَمُرُّ عَلَى اللئيمِ يَسُبُّني ... فَمَضَيْتُ ثُمَّتَ قُلْتُ: لا يَعْنِيْني" (١)

ومعنى قوله: "لا تَوْقيت فيه" أي: لا تعيين لواحد من واحد كما تعين المعرفة بل هو مطلق في الجنس، فجرى مجرى النكرة، واستشهاده بالبيت معناه: أنَّ الفعل نكرة وهو "يسبني"، وقد أوقعه صفةً للئيم المعرفة باللام، لكونه غير معين، فهو في قوَّة النكرة، فجاز أن يُنعت بالنكرة، فكأنه قال: على لئيمٍ يسبني، وهذا استدلال ضعيف، فإن قوله: "يسبني" حال منه لا وصف، والعامل فيه فعل المرور، والمعنى: أمرُّ على اللئيم سابًّا لي، أي: أمرُّ عليه في هذه الحال، فأتجاوزه ولا أحتفل بسبه.

الجواب الثالث: -وهو الصحيح- أن "غيرًا" هاهنا قد تعرَّفت بالإضافة، فإن المانع لها من تعريفها شدة إبهامها وعمومها في كلِّ مغايرٍ للمذكور، فلا يحصل بها تعيين، ولهذا تجري صفة على النكرة، فتقول: "رجلٌ غيرُك يقول كذا ويفعل (٢) كذا"، فتجري صفةً. للنكرة مع إضافتها إلى المعرفة، ومعلوم أن هذا الإبهام يزول بوقوعها بين متضادَّين يذكر أحدهما ثم تضيفها إلى الثاني، فيتعين بالإضافة، ويزول الإبهام الذي يمنع تعريفها بالإضافة كما قال:

نَحْنُ بَنُو عَمْروِ الهِجَان الأَزْهَرِ ... النَّسَبُ المَعْرُوفُ غَيْرُ المُنْكَرِ (٣)


(١) قال في "مشاهد الإنصاف": (٤/ ١٢٦ - بذيل الكشاف): "لرجلٍ من بني سلول". وهو من شواهد "الكتاب"، وانظر "الخزانة": (١/ ٣٥٧)، و"الكامل": (٢/ ٩٨٣). ونسبه في "الأصمعيات": (ص / ١٢٦) لشمر بن عمرو الحنفي. وفي (ظ ود): " ... ثم أقول: ما ... ".
(٢) ليست في (ق).
(٣) البيت في "فصل المقال شرح كتاب الأمثال": (١/ ١٣٦) للبكري.