للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا ثبت أن "من" بدل بعض من كل، وجبَ أن يكون في الكلام ضمير يعود إلى الناس، كأنه قيل: "من استطاع منهم"، وحَذْف هذا الضمير في أكثر الكلام لا يَحْسُن، وحَسَّنَه هاهنا أمور:

منها: أن "من" واقعة على من يعقل كالاسم المبدل منه، فارتبطت به.

ومنها: أنها موصولة بما هو أخص من الاسم الأول، ولو كانت الصِّلة أعم لقبح حذف الضمير العائد. ومثال ذلك: إذا قلتَ: "رأيت إخوتكَ من ذهب إلى السوق"، تريدُ: من ذهب منهم؛ لكان قبيحًا؛ لأن الذاهب إلى السوق أعم من الإخوة، وكذلك لو قلت: "البس الثيابَ ما حَسُن وجَمُل" (١)، تريد: منها، ولم تذكر الضمير؛ لكان أبعد في الجواز؛ لأن لفظ "ما" أعم من [لفظ] الثياب (٢)، و [حق] باب بدل البعض من الكل أن يكون أخص من المبدل منه، فإذا كان أعمَّ وأضفته إلى ضمير، أو قيدته بضمير يعود إلى الأول، ارتفع العموم وبقي الخصوص.

ومما حَسَّنَ حذف الضمير (٣) في هذه الآية -أيضًا مع ما تقدم- طولُ الكلام بالصلة والموصول.

وأما المجرور من قوله "إليه" فيحتمل وجهين:

أحدهما: أن يكون في موضع حال من "سبيل"، كأنه نعتُ نكرةٍ قُدِّمَ عليها؛ لأنه لو تأخر لكان في موضع النعت لسبيل.


(١) "النتائج": "وكمل".
(٢) في الأصول: "لأن لفظ ما أحسن أعم من الثياب" والمثبت من "النتائج".
(٣) (ق): "المضاف".