للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا كان قد أثنى عليهم، والثناءُ حَمْد متكرِّر، فما يمنع حمده لمن شاء من عباده؟!.

ثم الصحيح في تسمية النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - محمدًا: أنَّه الذي يحمده الله وملائكته وعباده المؤمنون. وأما من قال: الذي يحمده أهلُ السماء و (١) الأرض. فلا ينافي حمد الله تعالى، بل حمد أهل السموات والأرض له بعد حمد الله له، فلما حمده الله حمده أهل السموات وأهل الأرض (٢).

وبالجملة؛ لما (٣) كان الحمد ثناءً خاصًّا على المحمود، لم يمتنع أن يحمدَ اللهُ من يشاءُ من خَلْقه كما يثني عليه، فالصواب في الفَرْق بين الحمد والمدح أن يقال: الإخبار عن محاسن الغير، إما أن يكون إخبارًا مجردا من حب وإرادة، أو مقرونا بحبه وإرادته، فإن كان الأول؛ فهو المدح، وإن كان الثاني، فهو الحمد، فالحمد إخبار عن محاسن المحمود مع حُبه وإجلاله وتعظيمه، ولهذا كان خبرا يتضمَّن الإنشاء، بخلاف المدح فإنه خبر مجرَّد، فالقائل إذا قال: "الحمد لله"، أو قال: "ربنا لكَ الحمد" تضمن كلامه الخبر عن كل ما يحمد عليه -تعالى- باسمٍ جامع محيط متضمن لكلِّ فردٍ من أفراد


= والحاكم: (١/ ١٥٥)، والدارقطني: (١/ ٦٢) وغيرهم من حديث جماعةِ من الصحابة.
وفي سنده مقال، ويصح بشواهده، وصححه ابن خزيمة والحاكم وحسّنه الزيلعى في "نصب الراية": (١/ ٢١٩).
(١) (ظ ود): "أهل السماوات وأهل ... ".
(٢) من قوله: "فلا ينافي .... " إلى هنا ساقط من (ظ ود).
(٣) (ظ ود): "فإذا".