للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ} [الأنعام: ٩٢]، [أفلا ترى كيف اطَّردَ فى القرآن وصف الكتاب بأنه مصدِّق لما بين يديه] (١)، وباتفاق الناس أن المراد: مصدِّق لما تقَدَّمه من الكتب، وبهذه الطريق يكون مصدِّقًا للنبي -صلى الله عليه وسلم-، ويكون أبلغ فى الدليل على صِدْقه من أن يقال: هذا كتاب مصدِّق لك، فإنه إذا طابق الكتبَ المتقدمة وصدَّقها وشَهِد بصحَّة ما فيها مما أنزله الله من غير مواطأةٍ ولا اقتباس منها، دلَّ على أن الذي جاء به رسولٌ (٢) (ظ/١٠٢ أ) صادقٌ، كما أن الذي جاء بها كذلك، وأن مَخْرَجَها من مشكاة واحدة.

ولهدا قال النَّجاشي حين قُرِئ عليه القرآن: "إنَّ هذا والذي جاءَ به موسى يخرجُ من مِشكَاةٍ واحدة" (٣)، يعني: فإذا كان موسى صادقًا وكتابه حق فهذا كذلك؛ إذ من المحال أن يخرج شيئان من مشكاة واحدةٍ ويكون (ق/١٣٤ ب) أحدهما (٤) باطلًا محضًا والآخر حقًّا محضًا، فإن هذا لا يكون إلا مع غاية التباين والتنافر. فالقرآن صدَّقَ الكتبَ المتقدمة، وهي بشَرت به وبمن جاءَ به، فقام الدليلُ على صدقه من الوجهين معًا، من جهة بشارة من تقدَّمه به، ومن جهة تصديقه لما تقدمه ومطابقته له، فتأمله.

ولهذا كثيراً ما يتكرر هذا المعنى فى القرآن؛ إذ فى ضمنه الاحتجاج على أهل الكتابَيْن بصحة نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم- بهذه الطريق،


(١) ما بينهما ساقط من (ق)، وبعده في (ظ ود): "قال" والصواب حذفها.
(٢) (ظ ود): "رسول الله".
(٣) أخرجه أحمد في "المسند": (١/ ٢٠١ - ٢٠٣) في حديث طويل وسنده قوي، وصححه أحمد شاكر في "شرح المسند": (٣/ ١٨٠).
(٤) سقطت من (ق).