للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: "هذا زيد قائمًا"، نبهت الإشارة (١) المخاطب على النظر، فكأنك قلت: "انظر إلى زيد قائمًا"، لأن الاسم الذي هو "ذا" [ليس] (٢) هو العامل، ولكن مشعر ومنبه على المعنى العامل في الحال، وذلك المعنى (ظ/ ١٠٣ أ)، هو "انظر".

ومما أغنت فيه "الألف واللام" عن الإشارة قولهم: "اليومَ قمتُ"، و"الساعةَ جئت"، و"الليلةَ فعلتُ"، و"الآن قعدتُ"، اكتفيت بالألف واللام عن أسماء الإشارة.

قلت (٣): ليس المراد بقول النحاة: "حال مؤكدة" ما يريدون بالتأكيد في باب التوابع (٤). فالتأكيد المبوَّب له هناك أخص من التأكيد المراد من الحال المؤكدة، وإنما مرادهم بالحال المؤكدة المقررة لمضمون الجملة بذكر الوصف الذي لا يفارق العامل ولا ينفك عنه، وإن لم يكن معنى ذلك الوصف هو معنى الجملة بعينه، وهذا كقولهم: "زيد أبوك عطوفاً"، فإنه كونه عطوفاً ليس معنى كونه أباه، ولكن ذِكْر أبوته تشعر بما يلازمها من العَطْف، وكذلك قوله: {هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} [فاطر: ٣١] فإنَّ ما لين يديه (٥) حقٌ، والحق يلازمه تصديق بعضه بعضًا.

وقوله: "ليس من شرط الحق أن يكون مصدِّقًا لفلان"، يقال: ليس هذا بنظير لمسألتنا، بل الحقُّ يلزمه لزومًا لا انفكاك عنه تصديق بعضه بعضًا، فتصديق ما بين يديه من الحق هو من جهة كونه حقًا. فهذا


(١) من قوله: "على العامل ... " إلي هنا ساقط من (د).
(٢) زيادة ليستقيم السياق.
(٣) التعليق لابن القيم -رحمه الله-.
(٤) (ق): "الموانع".
(٥) "فإنَّ ما بين يديه" سقط من (ق).