للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا في فرْع من فروع الإسلام، وهو التحية التي يعرفها الخاصُّ والعام، فما ظَنُّكَ بسائر محاسنِ الإسلام وجلالته وعظمته وبَهْجته التي شهدت بها العقول والفِطَر، حتى إنها من أكبر الشواهد وأظهر البراهين الدالَّة على نبوَّة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وكمال دينه وفضله وشرف على جميع الأديان، (ق/ ١٦١ ب) وأن معجزته في نفسِ دعوته، فلو اقتصر عليها كانت آيةً وبرهانا على صِدْقه، وأنه لا يحتاج معها إلى خارق ولا آية منفصلة، بل دينُه وشريعته ودعوتُه وسيرتُه من أعظم معجزاته عند الخاصة من أمته، حتى إن إيمانهم به إنما هو مُسْتند إلى ذلك، والآيات فى حقِّهم مقويات بمنزلة تظاهر الأدلة. ومن فَهِمَ هذا انفتح له باب عظيم من أبواب العلم والإيمان، بل باب من أبواب الجنة العاجلة، يرقص القلب فيه طرباً، ويتمنى أنه له بالدنيا وما فيها.

وعسى الله أن يأتي بالفتح أو أَمْر (١) من عنده، فيساعد على تعليق كتاب يتضمَّن ذكْر بعض محاسن الشريعة، وما فيها من الحِكم البالغة، والأسرار الباهرة، التي هي من أكبر الشواهد على كمال علم الرب -تعالى- وحكمته ورحمته وبره بعباده ولطفه بهم، وما اشتملت عليه من بيان مصالح الدارين والإرشاد إليها، وبيان مفاسد الدارين والنهي عنها، وأنه -سبحانه- لم يرحمهم في الدنيا (٢) برحمة ولم يحسن إليهم إحسانَا أعظم من إحسانه إليهم بهذا الدين القَيِّم وهذه الشريعة الكاملة، ولهذا لم يذكر في القرآن لفظ "المنَّة عليهم" إلا في سياق ذكرها؛ كقوله: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي


(١): "وعون من ... ".
(٢) "في الدنيا" ليست في (ظ ود).