للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذكر بالخِيفة لحاجة الذاكر (١) إلى الخوف، فإن الذكرَ يستلزمُ المحبَّة ويثمرُها ولا بُدَّ، فمن أكثرَ من ذكر الله تعالى أثمرَ له ذلك محبته، والمحبَّةُ ما لم تَقْترن بالخوف فإنها لا تنفعُ صاحِبها بل قد تضرُّه؛ لأنها توجبُ الإدلالَ والانبساط، وربما آلت بكثير من الجهَّال المغرورين إلى أنهم استغنوا بها عن الواجبات، وقالوا: المقصود من العبادات إنما هو عبادةُ القلب وإقبالُه على الله ومحبَّته له، وتألُّهُه له (٢)، فإذا حصلَ المقصودُ فالاشتغالُ بالوسيلة باطلٌ.

ولقد حدثني رجلٌ: إنه أنكر على رجلٍ من هؤلاء في خَلْوَةٍ (٣) له ترك فيها حضور الجُمُعَةِ، فقال له الشيخُ: أليس الفقهاءُ يقولون: إذا


= ثم كتب بعدها: "قال رحمه الله: مقصودنا الآن: أن ذكر الله باللسان دون الجَنان أصوات وأجراس، والكثرة فيه وسواس، بل اللسان خادم، أجرى اللَه عادته أن يرق القلب ويصلح عند مداومة العارف الذكر به فأمرنا به، ولكن لا ينبغي أن يكون القلب غافلًا غير عارف، والمعرفة لا تحصل إلا بالذكر، ولهذا قرنه بذكر الآيات، فقال تعالى: {وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٧٣)}، وهذا يدل ظاهرًا على أن كل ذكر يحصل من غير فكر في الآيات سلوك المضيعة والمتاهات" انتهى.
أقول: لعل الشيخ تقي الدين صاحب شرح المقترح هو: مظفّر بن عبد الله بن علي تقي الدين المصري المعروف بالمقترح لحفظه إياه ت (٦١٢). انظر: "طبقات الشافعية": (٨/ ٣٧٢)، و"المقترح في المصطلح" كتاب في الجدل كثر اشتغال الفقهاء به للبروي، وشرحه الشيخ تقي الدين. انظر: "وفيات الأعيان": (٤/ ٢٢٥)، و"كشف الظنون": (ص/١٧٩٣).
والحديث الذي ذكره أخرجه أحمد وابن حبان وغيرهما من حديث سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-.
(١) (ع): "الراكب".
(٢) و"تألهه له" ليست في (ق).
(٣) (ظ ود): "أنكر على هؤلاء خلوة".