للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن المعاصي من حيث هي منافية لها (١).

وفيه مسائل:

- منها: لو ادعى واحد على اثنين أنهما رهنا عنده عبدهما، فزعم كلٌّ أنه لم يرهن نصيبه وأن شريكه رهن، وشهد عليه، ففي قبول شهادته وجهان حكاهما الرافعي في باب الاختلاف في الرهن، وقال الشيخ أبو حامد: لا تقبل لأن المدعي يزعم أن كل واحد منهما كاذب ظالم في الجحود، وطعن المشهود [له] (٢) في الشاهد مانع من قبول شهادته، وقال الأكثرون: [لا] (٣) تقبل لأنهما ربما نسيا، وإن تعمدا فالكذبة الواحدة لا توجب الفسق، وجزم صاحب "البحر" في باب من تجوز شهادته ومن لا تجوز: بأنه لو كذب عن قصد رُدَّت شهادته، وإن لم يكن فيما يقول ضرر من تهمة أو بهتان، فإن الكذب حرام بكل حال.

وقال القفال: إلا أن ينزل ذلك على مذهب الكُتَّاب والشعراء في المبالغة في الكلام.

- ومنها: قال القاضي في كتاب الطهارة في الأواني: إذا جلس شهود النكاح على الحرير لم ينعقد النكاح بهم، فقيل: لأنهم فسقة، واعترض بأنهم لا يفسقون به لكونه ليس بكبيرة، والأشبه أن يعلل بأنهم حال (٤) الشهادة ظهر منهم ما يضعف الوثوق بهم، وعلى هذا لا تقبل شهادة الشاهد برشد لابسٍ للحرير؛ إذ حَاله تقتضي


(١) قال تاج الدين بن السبكي: "إلا أنا اغتفرنا الصغائر لقلة الصون عنها ولا يقبل ذلك، عند أداء الشهادة، فلمنصب الشهادة أهبة تنافي المعاصي عنده، وكان هذا للمحافظة على هذا المنصب؛ فإن من يتلبس بالمعصية حالة الشهادة كأنه لا مروءة له" (١/ ٤٥١).
(٢) من (س).
(٣) سقطت من (ن).
(٤) في (ق): "كان".

<<  <  ج: ص:  >  >>