للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا شك أن الجرأة على الله تعالى بمجردها لا توجب ذلك، [فإن الإقدام على الصغيرة الواحدة لا يُوجب ذلك] (١)، ثم إن مثل هذه الخلة (٢) وهي الجرأة مما تختلف مقاديرها، فضبطت بالإتيان بالكبيرة أو الإصرار على الصغيرة، كما يفعل في القصر بالنسبة إلى المشقة (٣)، فإنها ضبطت بالسفر المعين، وفي هذه المسألة لم يأت بكبيرة ولم يصر على صغيرة، ومجرد الجرأة وإن (٤) كانت جرأة عظيمة لا توجب ما ذكر ما لم يوجد الضابط لها، كما لو وجد المقيم مشقة عظيمة فإنه لا يسوغ له القصر، وأما مفاسد الآخرة وعذابها فلا يعذب تعذيب زانٍ ولا قاتل ولا آكل مال يتيم؛ لأن عذاب (٥) الآخرة مرتب على رتب المفاسد غالباً، كما أن ثوابها مرتب على رتب المصالح غالباً، ولا يتفاوتان (٦) بمجرد الطاعة ولا بمجرد المعصية مع قطع النظر عن رتب المصالح والمفاسد، وإلا لكان أجر المتصدق بثمرة كالمتصدق ببدرة، ولكانت [الغيبة] (٧) بنسبة المغتاب إلى الكبيرة كالغيبة بنسبته إلى الصغيرة، والظاهر أن هذا لا يعذب تعذيب من ارتكب صغيرة لأجل جرأته وانتهاك الحرمة، بل يعذب عذاباً متوسطاً بين الكبيرة والصغيرة للجرأة بما يعتقده كبيرة، والأولى أن تضبط [٦٠ ق/ ب] الكبيرة بما يشعر بتهاون مرتكبها إشعار أصغر الكبائر المنصوص عليها بذلك، ولم أجد لأحد على ذلك ضابطاً.


(١) ما بين المعقوفتين من (ن).
(٢) كذا في (ن) و (ق) وفي (ك): "الحكمة".
(٣) في (ق): "للمشقة".
(٤) في (ن): "وإذا".
(٥) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "رتب".
(٦) في (ن) و (ق): "يتقاربان".
(٧) استدراك من (ك).

<<  <  ج: ص:  >  >>