للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وقالت الفقهاء: لا تجب الصلاة إلا على مسلم، ومن قول الأصوليين: إن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة أن مرادهم التأثيم في الآخرة، كذا قاله في "شرح المهذب"، تبعًا لجماعة من الأصوليين، لكن فوائده الدنيوية كثيرة ليس هذا محلها، على أن الإمام الشافعي نص في "الأم" على أن الكافر يجب عليه الصلاة وغيرها، وهو مخاطب بتقديم الإيمان عليها، فالمحدث مخاطب بالصلاة وتقديم الطهارة، وإنما لم يجب القضاء إذا أسلم تخفيفًا، وجزم به في أصل "الروضة"، وهو الصواب قال] (١): ويُعزَى هذا إلى المزني في "المنثور".

- ومنها: هل يأخذ في الجزية وفي ثمن المشفوع ما تيقنا أنه من ثمن الخمر؟ المذهب: لا، وفيه وجه، وعندنا أن التصرُّف في أن الخمر حرام عليهم خلافًا للإمام أبي حنيفة، والمسألة مبنية على خطاب الكفار، قاله المتولي (٢).

ووجوب الصلاة والزكاة مثلًا قد خرجه جماعة من الفقهاء على هذه القاعدة، وإن جزموا في المختصرات بعدم الوجوب عليهم، والظاهر أن مرادهم ما يتعلق بالآخرة فقط، أما الدنيا فلا يطالبهم بها أصلًا (٣) لا أصالة إذا استمروا على كفرهم، ولا قضاء إذا أسلموا.


(١) ما بين المعقوفتين من (ق).
(٢) هو أبو سعد عبد الرحمن بن مأمون بن علي بن إبراهيم، النيسابوري الشيخ الفقيه المعروف بالمتولي، برع في الفقه والأصول والخلاف، وكان فقيهًا محقِّقًا، وحبرًا مدقِّقًا، وكان أحد أصحاب الوجوه في مذهب الشافعي، صنف كتاب "التتمة" ولم يكمله، وصل فيه إلى القضاء وأكمله غير واحد، توفي سنة ثمان وسبعين وأربعمائة (٤٧٨ هـ) ببغداد، ومولده بنيسابور سنة ست، وقيل: سبع وعشرين وأربعمائة راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (١/ ٢٢٩، رقم ٢١١).
(٣) إلى هنا نقل ابن الملقن كلام ابن الوكيل بنصه من "أشباهه" (ص: ٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>