للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٣ - يخطى من زعم أن باب الاجتهاد قد أغلق والظاهر أن من زعم ذلك قد ناقض نفسه لأنه بهذا القول يكون قد اجتهد وأعمل رأيه فيكون قد منع الناس ما لم يمنع منه نفسه.

١٤ - العقود لها سمات وخصائص كالرضا ومنع الغش والغرر واعتبار العرف ولزوم موافقة مقصود المكلف لمقصود الشارع والاستقرار والعدل والعفو وتحقيق الفائدة للعاقدين وهذه السمات تتواطأ جميعاً على جعل العقد موافقاً لمقصود الشارع من تحقيق المصلحة ودرء المفسدة.

١٥ - أن العقود تشمل جملة من التصرفات والالتزامات الناشئة بين شخصين وكل مجموعة من هذه التصرفات تنظمها أحكام متشابهة فبعضها يكون بعوض فتسمى معاوضة وبعضها لا يكون كذلك فتسمى تبرعاً وبعضها ظهر التعامل به في زمان التشريع فأقر كالمضاربة وبعضها استحدثته الحضارة وتشعب العلائق الاقتصادية بين الناس فكان محل نظر طائفة من الفقهاء كالتأمين وعقود المصارف والبورصة وبعض هذه العقود قابل لظهور أثره فهو العقد الصحيح وبعضها ليس كذلك فهو الفاسد ... وهكذا.

١٦ - أن العقود المنصوص عليها بلغت خمسة وعشرين عقداً ولا حصر لما يمكن أن يلحق بها ويتأسس على فقهها لأن ذلك رهين بما يحتاجه الناس ويتعارفوه من أنواع وسائل انتقال المنافع والأعيان بينهم ولهذا فإن المعتبر من أقوال العلماء هو أن الأصل في العقود الصحة إلا ما دل على ضدها وهذا دل عليه استقراء ما لا حصر له من الأدلة العامة المفيدة للتيسير على العباد وتحقيق مصالحهم بالإضافة إلى أدلة خاصة على عين هذه المسألة. بل إنه يتسامح عن يسير الخلل الذي قد يعتور العقد المستحدث تيسيراً على الناس وتحقيقاً لمقصودهم من العقد ما لم يناقض مقصود الشارع.

١٧ - لا دليل على التعقيدات التي لا دخل لها في تحقيق معنى العقد ومن ثم لزم العمل على نبذ ما قد يحدثه الناس من تعقيد وتشديد على أنفسهم في هذا الباب – وفي غيره – لئلا يكون ذلك سبباً في استثقال الناس ونفوهم من التكليف كما نص على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ولذلك رجحوا جانب المصلحة الظاهرة على ما قد يشوبها من مفسدة كالغرر والحرج مرفوع عن المكلفين.

١٨ - العقود تخالف العبادات من جهة لزوم النص على عين العبادة لئلا يعبد الله إلا بما شرع وأما المعاملات أو العادات فإنه لا يسأل عن دليل إباحتها لأن الأصل فيها أنها مباحة وإنما يسأل عن الدليل الناقل عن هذا الأصل فالمحرم لها يلزمه الدليل أما المبيح فلا.

١٩ - يتساهل الناس في تحريم الحلال فيسارعون إلى تحريم بعض العقود المستحدثة وهذا ليس من التورع إذ من المعلوم أن تحريم الحلال كتحليل الحرام والسلف كانوا شديدي التحرج من ذلك فكانوا لا يسارعون إلى التحريم فإذا رأى أحدهم شيئاً من ذلك قال: أكرهه ونحو ذلك.

٢٠ - توسع الشارع في بيان العلل والمصالح في باب العادات والمعاملات فلذا يلزم الدوران مع هذه العلل وتلك المصالح للنظر في العقود المستحدثة.

٢١ - يجوز للمتعاقدين أن يشترطا ما يشاءان شريطة ألا يؤثر ذلك في مقتضى العقد أو مقصوده ولا يؤدى إلى محرم.

٢٢ - تصح العقود بالصيغة المفهمة الدالة على المقصود سواء بالأقوال والأفعال وهو ما يسمى بالمعاطاة لأنها لو تصحح لفسدت عقود كثير من الناس وقد جرى العرف بذلك فكل ما عده الناس بيعاً فهو بيع، كما قال الإمام مالك.

٢٣ - تصح المعاملة والتعاقد بالمراسلة أو الهاتف ولا يشترط في مجلس العقد أن يكون كلا المتعاقدين في مكان واحد بل هو زمن تبلغ القابل لإيجاب الموجب. وليس في الشرع حد لذلك بل يتنوع باختلاف اصطلاح الناس وأعرافهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>