خاتمة: ولنختم هذا البحث بما ورد في الكتاب والسنة من تحريم الربا والتشديد فيه قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ} ففي هذه الآية تهديد شديد ووعيد أكيد لمن لم يترك الربا وذلك بمحاربته لله ورسوله فأي ذنب في المعاملة أعظم من ذنب يكون فيه فاعله محاربا لله ورسوله. ولذلك قال بعض السلف: من كان مقيما على الربا لا يتوب منه كان حقا على إمام المسلمين أن يستتبه فإن نزع وإلا ضرب عنقه. وفي قوله تعالى:{وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} إشارة إلى أن: آكل الربا بأنه لو كان مؤمنا بالله ورسوله حق الإيمان راجيا ثواب الله في الآخرة خائفا من عقابه لما استمر على أكل الربا والعياذ بالله تعالى. وقال تعالى:{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}. ففي هذه الآية وصف آكلي الربا بأنهم يقومون من قبورهم يوم القيامة أمام العالم كلهم كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس يعني كالمصروعين الذين تصرعهم الشياطين وتخنقهم. قال ابن عباس رضي الله عنهما: آكل الربا يبعث يوم القيامة مجنونا يخنق.
ثم يبين الله ما وقع لهم من الشبهة التي أعمت بصائرهم عن التمييز بين الحق والباطل فقال تعالى:{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا} وهذا يحتمل أنهم قالوه لشبهة وقعت لهم وتأويل فاسد لجأوا إليه كما يحتج أهل الحيل على الربا ويحتمل أنهم قالوا ذلك عنادا وجحودا.
وعلى كلا الاحتمالين فإن هذا يدل على أنهم مستمرون في باطلهم، منهمكون في أكلهم الربا، مجادلون بالباطل ليدحضوا به الحق. نعوذ بالله من ذلك.
وقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ وَأَطِيعُواْ اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} ففي هاتين الآيتين: نهى الله عباده المؤمنين بوصفهم مؤمنين عن أكل الربا ثم حذرهم من نفسه في قوله {وَاتَّقُواْ اللهَ} ثم حذرهم النار التي أعدت للكافرين وبين أن تقواه وطاعته سبب للفلاح والرحمة {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.