[حقوق الإنسان في الإسلام (معاملة غير المسلمين في الإسلام)]
المؤلف/ المشرف:عبد العزيز مصطفى كامل
المحقق/ المترجم:بدون
الناشر:المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية - الأردن ̈بدون
سنة الطبع:١٩٨٩م
تصنيف رئيس:سياسة شرعية
تصنيف فرعي:الإنسان - حقوقه وحرياته
خاتمة في الحقوق:
ولعل من تمام هذه الحقوق، أن يكون المسؤول عنها وكبار القائمين بأمرها مؤمنين بها دينا، يسألهم الله عنه، ويحكمون بين الناس به. إنها عندهم دين ونظام حياة، وعند أهل الذمة نظام حياة، وليست ديناً يدينون به. فموقف المسلمين في تطبيقها والمسؤولية عنها، يدعو إلى أن يقوموا بأمر المجتمع الإسلامي في إدارته العليا، مستعينين في هذا بكفاءات من المسلمين وأهل الذمة، متيحين لهذه الكفاءات - مع اختلاف الدين وتباين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية - أن تأخذ حقها في النمو الطبيعي والفكري وتتعاون جميعا ً في خدمة الدولة الإسلامية التي يعيشون فيها. وتبشر بهذه الحقوق الإنسانية، وهي من الله فضل وهداية.
ومن ناحية أخرى تحتاج هذه الحقوق إلى رقابة شعبية، كان الخلفاء الراشدون يطلبونها من المجتمع. فعندما تولى أبو بكر أمر الخلافة خطب الناس قائلاً:
" ياأيها الناس. إنما أنا مثلكم. وإني لا أدري لعلكم ستكلفونني ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطيق، إن الله اصطفي محمداً على العالمين، وعصمه من الآفات، وإنما أنا متّبع ولست بمبتدع، فإن استقمت فتابعوني، وإن زغت فقوموني ".
وإن متابعة تطبيق هذه الحقوق حوار متصل بين القيادة والقاعدة، وهذا هو الاتجاه الرأسي. وهناك اتجاه أفقي يمثله الحوار بين المختصين في مجال أو أكثر. ومن الاتجاهين - الرأسي والأفقي - يتكون نسيج الشورى في المجتمع.
وممارسة الحقوق، وتطوير وملاءمة مضامينها، وابتكار الصيغ الأنسب لمسار الحياة، هي في ذاتها تخصص وجهد متصل تتأصل به الثوابت في الحقوق مع تبدل صورها.
خاتمة
بهذا نصل إلى خاتمة المطاف في هذه الدراسة ونرى فيها:
١ - قاعدة عريضة من حقوق الإنسان يستوي فيها المسلم والذمي والمستأمن.
٢ - مسؤولية يشترك فيها المواطنون مسلمين وغير مسلمين ولا يدخل فيها المستأمن، وهي الحقوق المتعلقة بنظام الحكم والشورى واختيار الحاكم والتمثيل في المجالس النيابية والوظائف العامة.
٣ - مسؤولية يحملها المسلمون حيث يكونون أغلبية: وهي الرئاسة العليا في الدولة والدفاع والأمن والقضاء. ويشاركهم غيرهم في الرأي والتنفيذ.
٤ - هناك نقاط تتميز بها حقوق الإنسان في الإسلام، وهي أنها حقوق في " الإطار الإسلامي " وبخاصة في نظام تكوين الأسرة والتوارث وأهل كل دين يتبعون في هذا دينهم في إطار تنظيمي تشرف عليه الدولة، دون إكراه ولا تفريط.
٥ - إن ما جاء في التاريخ الإسلامي من تطبيقات فيها جوانب التشدد مع غير المسلمين، كانت مرهونة بأوقاتها وظروفها، وليست قاعدة تعامل. والقيود لم تكن مقصورة عليهم وقت العسرة، وإنما كانت - في بعض الظروف - على المواطنين جميعاً، ولا تكاد تخرج في إطارها العام عن قوانين الطوارئ المعاصرة.
٦ - أن الأصل الذي ترد إليه الأحكام وتوزن به السوابق هو القرآن الكريم والسنة المطهرة وما صح عن سلفنا الصالحين، في نور من قول الله تعالى: {ولقد كرّمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضّلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا}.