[جولة تاريخية في عصر الخلفاء الراشدين]
المؤلف/ المشرف:محمد السيد الوكيل
المحقق/ المترجم:بدون
الناشر:دار المجتمع ̈الثانية
سنة الطبع:١٤٠٨هـ
تصنيف رئيس:تاريخ
تصنيف فرعي:تاريخ - الخلافة الراشدة
الخاتمة
إن عصر الخلفاء الراشدين هو بلا شك الفترة الذهبية في أحقاب التاريخ الإسلامي الممتد في أغوار أربعة عشر قرناً من الزمان، ولهذا فقد حظيت هذه الفترة باهتمام المؤرخين القدامى والمحدثين على حدٍ سواء، فالكتابة في الموضوع ليست بدعاً في ذاتها، وإنما هي نوعٌ من الاهتمام الذي لقيته تلك الفترة من الكتاب والمؤرخين.
ونحن لا ننكر أن هناك فترات من التاريخ وقع فيها من الأحداث ما يجعلها على جانبٍ كبيرٍ من الأهمية، والمسلمون في حاجةٍ إلى معرفتها والوقوف على أحداثها ومدى تأثير هذه الأحداث في توجيه المد التاريخي للأمة الإسلامية ذات التاريخ المجيد.
ولعل الكتابة في هذه الفترات تخدم الجانب التاريخي خدمةً عظيمةً حيث تكشف عن كثيرٍ من الجوانب التي شوهها المغرضون، ودسوا فيها على التاريخ الإسلامي ما ليس منه، ومن هذه الفترات ما يأتي:
١ - العصر العباسي بما فيه من تهم وجهت إلى بعض الخلفاء وهم منها براء.
٢ - فترة الحروب الصليبية التي حاول المؤرخون إخفاء كثيرٍ من حقائقها.
٣ - العصر العثماني وما قام به من أعمالٍ مجيدة في خدمة الإسلام طمسها أعداء الأمة الإسلامية.
وإذا كان الأمر كذلك فإننا نجد أنفسنا وجهاً لوجه أمام سؤالٍ يتطلب الإجابة بإلحاح وهو: لماذا تكرس الجهود للكتابة في عصر الخلفاء، وتترك تلك الفترات الهامة؟.
والحق أنني لا أجد عندي إجابةً شافية لهذا السؤال، غير أنني كنت أحس بميلٍ جادٍ ورغبة صادقةٍ للكتابةِ في عصر الخلفاء الراشدين، وإن كنت لا استطيع أن أعلل تعليلاً واضحاً لسر هذا الميل وحقيقة تلك الرغبة، فقد يكون سببهما الحب الذي يملأ جوانح كل مسلم للخلفاء أنفسهم –رضي الله عنهم- وقد يكون هو الرغبة في دحض كثيرٍ من الأباطيل التي دست في تلك الفترة، كما يمكن أن يكون الدافع تجلية بعض الحقائق التي فهمت على غير وجهها الصحيح، وقد يكون مجموع هذه الأمور هو سر الميل الجاد والرغبة الصادقة.
على أنني أحب أن أنبّه إلى أن تكرار الكتابة في هذا العصر ليس فيه مضيعة، ولم يخل من الفائدة بل إننا نلاحظ أن كل كاتبٍ يأتي في كتابته بجديد، حتى أحسست بأن الموضوع في حاجةٍ أكثر إلى كتابة وكتابة لنستكمل الجوانب التي يتناولها المؤرخون بالتحليل والتعليق والتصحيح.
كما أن لكل كاتبٍ أسلوبه الخاص، وفهمه الخاص للأحداث التاريخية، وفي اختلاف الأسلوب يجد القارئ المتعة، وبتناول الأحداث بالفهم الخاص لكل كاتب يوجد الجديد وتحصل الفائدة المرجوة من الأبحاث التاريخية.
وهناك أمرٌ هام يحصله القارئ والباحث من تكرار الكتابة في العصر الواحد، ذلكم هو استنباط العبر، واستخلاص الفوائد –وتلك هي الغاية الحقيقية من دراسة التاريخ- فالمحقق والباحث قد يلمح من العبر والفوائد ما يخفى على غيره؛ لأن ذلك إنما يستنبط استنباطاً من أحداث الفترة التاريخية ولا يجده الكاتب منصوصاً عليه في الكتب والمؤلفات.
وإني هنا أرى لزاماً عليَّ أن أعلن شكري لله –عز وجل- إذ وفقني إلى إبراز كثيرٍ من الحقائق وتجلية بعض الخفايا، وإزاحة الشبهات عن شخصيات كادت تلك الشبهات أن تفقدهم مكانتهم في نفوس دارسي التاريخ من غير المحققين المتثبتين، فمن ذلك:
١ - استطعت من خلال الحقائق التاريخية التي لا تنكر أن أثبت أن أبا بكر –رضي الله عنه- هو أولى الناس بالخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم دون أن أقف في ذلك عند الأحاديث الصحيحة أو شهادة كبار الصحابة فقط.
٢ - نفي تهمة تآمر كعب الأحبار –رحمه الله- على عمر، واشتراكه في تدبير قتله.