[مشكلة الاستثمار في البنوك الإسلامية وكيف عالجها الإسلام]
المؤلف/ المشرف:محمد صلاح الصاوي
المحقق/ المترجم:بدون
الناشر:دار المجتمع ̈الأولى
سنة الطبع:١٤١٠هـ
تصنيف رئيس:فقه
تصنيف فرعي:بنوك إسلامية ومعاملات مصرفية منظمة
الخاتمة
لقد طوفنا مع هذا البحث بمجالات مختلفة من فقهية وقانونية وميدانية، وعشنا مع قضية الاستثمار بدءا من صيغها الشرعية، ومرورا بصياغاتها المصرفية، وانتهاء بتطبيقاتها العملية في أحد المصارف الإسلامية المعاصرة.
وفي خلال ذلك كله لم نتعسف بحمد الله حكما من الأحكام، ولم نحرف نصا من النصوص عن مواضعه، وما كنا بحاجة إلى ذلك، وفي تراثنا الفقهي مناديح واسعة، وعطاء دائم متجدد بحيث لا يجد الباحث نفسه أسر أجواء خانقة، أو حبيس اجتهادات قاصرة، وإنما هي الإحاطة والخصوبة والشمول.
عشنا في الباب الأول مع عقود الاستثمار الشرعية، كالمضاربة والمشاركة والمرابحة، وتعرفنا على أحكامها الشرعية، وعرضنا لصورة كلية لكل واحد منها، بدءا من التعريف والمشروعية، ثم مرورا بالأركان والشروط، وما يتعلق بكل واحد منها من أحكام، أو يرتبط به من مسائل، ثم انتهاء بتصفية هذا العقد، وما يتعلق بهذه التصفية من أحكام.
وكانت الغاية من هذا الباب أن نبدأ عملنا بالتعرف على أحكام هذه العقود التي يراد إحلالها محل الأنظمة الربوية لتكون بديلا شرعيا في المصارف الإسلامية، وهذه في تقديرنا هي البداية الصحيحة في كل تطوير يراد به إحلال الإسلام محل نظام من النظم الوضعية، أن يبدأ بدراسة الإسلام أولا، ثم يدرس النظام القائم ليعرف مدى ما فيه من مصادمة لأحكام الإسلام، ليتم تعديله وتحريره بما يتفق مع الأحكام والقواعد الإسلامية.
وإنها لخطورة بالغة أن يحدث العكس، وأن تكون البداية من التعرف على دقائق النظم الوضعية، ثم تتلمس لها المخارج والتبريرات الشرعية، فيؤدي ذلك عمليا إلى التصرف في الأحكام الشرعية تصرفا قد يخرج أحيانا إلى حد العبث، لكي نلتقي مع المقررات الوضعية التي تفضل ببيانها السادة الوضعيون، وبذلك نحكم الواقع في الإسلام بدلا من الأصل الحكم وهو تحكيم الإسلام في الواقع ليقر منه ما يشاء، ويستبدل منه ما يشاء، وفقا لأسسه ومبادئه.
ثم عشنا في الباب الرابع مع ضوابط هذا الاستثمار، وكان الهدف من هذه الدراسة أن نستخلص المبادئ الكلية التي يجب أن تتم في إطارها العملية الاستثمارية، لتكون حرما أمام الباحثين والدارسين لا يحل لهم انتهاكه بحال من الأحوال، ثم هم بعد ذلك أحرار في ترتيب المعاملات وفقا لما يحقق المصلحة، ماداموا لم يخرجوا في الجملة عن هذه الإطارات العامة.
ثم عشنا في الباب الثالث مع التخريجات الشرعية للاستثمارات المصرفية لكي نلحقها بعقودها الشرعية، تمهيدا للتعرف على مدى ما فيها من موافقة أو مخالفة للأحكام الشرعية، وقد كان هذا الباب مزلة أقدام، ومدحضة أفهام في تاريخ الكثيرين، وقد رأينا فيه عجبا! مثل من يحاولون تخريج الفائدة على أساس الجعالة! أو على أساس إلحاقها بربا الفضل ثم إخراجها بعد ذلك من نطاق التحريم المستيقن، وغير ذلك مما كشفت عنه الدراسة المتأنية في هذا الباب.
ولقد كان رائدنا في دراسة هذا الباب ألا نفتعل المخارج، أو نختلق التبريرات لإضفاء الشرعية على عمل ما، وإن نضمن مصادمة جوهرية للمقاصد الشرعية – كما حدث ذلك من البعض – وإنما نسير مع هذه الأعمال سير طبيعيا غير متكلف، فنتعرف على حقيقتها ومقاصدها، ثم نردها بعد ذلك – وعلى هذا الأساس – إلى العقود الشرعية التي تناسبها، قاطعين النظر عما يترتب على هذا التخريج من حرمة أو حل، لأن هذه مرحلة لاحقة: مرحلة التصحيح أو المعالجة الإسلامية، وفيها يتم التقويم، ثم التحوير والملاءمة.