للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التعارض والترجيح عند الأصوليين في الفقه الإسلامي]

المؤلف/ المشرف:محمد إبراهيم الحفناوي

المحقق/ المترجم:بدون

الناشر:دار الوفاء - مصر ̈الأولى

سنة الطبع:١٤٠٥هـ

تصنيف رئيس:أصول فقه

تصنيف فرعي:تعارض وترجيح

الخاتمة في نتائج هذه الدراسة ومقترحات وتوصيات

بعد أن انتهيت من كتابة هذه الدراسة المتواضعة حول هذا الموضوع ظهر لي بوضوح عدة أمور أهمها ما يلي:

١ - أن موضوع التعارض والترجيح من الموضوعات الأصولية المهمة الجديرة بالبحث المتأني والتحليل الحصيف.

٢ - أن الأدلة الشرعية متوافقة متآلفة ولا يمكن أن يتأتى التعارض في شيء منها مطلقا إلا بحسب الظاهر فقط بالنسبة للمجتهد أو بحسب توهمه ما ليس بدليل دليلا، أو بحسب تصوره أن نصين من النصوص يدلان على حكمين متعارضين. بينما النصان في الواقع لا تعارض في حكمهما بل لكل واحد منهما جهة غير جهة الآخر. فالتعارض حينئذ يكون في عقل المجتهد لا في نص ولا في مدلوله.

٣ - أن من التعارض الظاهري بين النصوص تعارض العام والخاص والمطلق والمقيد.

فهو تعارض بحسب الظاهر فقط، ومن ثم نجد العلماء يدفعونه بتخصيص العام وتقييد المطلق.

٤ - أن التعارض لا يمكن أبدا أن يتأتى بين دليلين قطعيين ولا بين قطعي وظني وذلك لتقدم القطعي على الظني.

٥ - أن هذا التعارض الظاهري يُدفع بالجمع بين المتعارضين بأي نوع من أنواع الجمع لأن الأصل في كل واحد من المتعارضين هو الإعمال. فإن تعذر الجمع لعدم توافر شروطه فإن على المجتهد أن يلجأ إلى الترجيح بوجه من وجوهه المذكورة في هذه الرسالة.

فإن تعذر الترجيح أيضا كان على المجتهد مهمة البحث في تاريخ المتعارضين فإن عرفه حكم بنسخ المتأخر للمتقدم حيث أنه لا يتصور ورود نصين متعارضين من الشارع الحكيم في زمن واحد، فإن عزّ على المجتهد معرفة التاريخ أو عرف تقارنهما مع عدم إمكان الجمع والترجيح حكم بسقوط الدليلين. ثم بعد ذلك يكون الرجوع إلى البراءة الأصلية ويفرض كأن الدليلين غير موجودين.

ولقد ذهب بعض العلماء إلى القول بالتخييرحينئذ بدلا من السقوط، وذلك إذا كان الدليلان مما يمكن فيهما التخيير، وإلا يحكم بالسقوط والرجوع إلى البراءة الأصلية.

٦ - أن الترجيح لا يدخل في الأدلة القطعية سواء كانت نقلية أو عقلية. حيث أن الترجيح إنما يتحقق عند وجود التعارض في القطعيات والتعارض في القطعيات محال - على المختار.

أضف إلى ذلك: أن الترجيح فرع التفاوت في العلم بالشيء والمعلوم المقطوع به لا تفاوت فيه، ومن ثم لا يوجد الترجيح في القطعيات.

٧ - الأصح عند تعارض ظاهرين أحدهما من الكتاب والآخر من السنة أنه لا يقدم أحدهما على الآخر، وذلك لأن مصدرهما واحد لا فصل بينهما أبدا.

٨ - قد يظهر أمام المجتهد تعارض الترجيحات وفي هذه الحالة يجب عليه أن يعمل ذهنه ويبذل جهده من أجل معرفة ما يكون سببا في تقوية أحد المرجحات المتعارضة.

وبعد: فهذه هي أهم نتائج الدراسة في موضوع التعارض والترجيح، وإذا كان لي أن أقترح أو أوصي بشيء في هذا المقام فإني أقترح وأوصي بما يلي:

أولا: بالاهتمام بتحقيق ونشر كتب التراث بصورة دقيقة مضبوطة مع التعليق عليها، وايضاح الغامض منها، وجعل ذلك فرضا على طلاب التخصص في المادة (الماجستير) وطلاب الشهادة العالمية (الدكتوراه).

ثانيا: الاهتمام بتبسيط وتيسير عبارات كتب الأصول القديمة بصورة ترغب الطلاب فيها وتجعلهم يقبلون عليها.

ثالثا: الاهتمام بقاعة البحث المتعلقة بمادة الأصول ولا سيما في الدراسات العليا بحيث يعود الطالب كيفية التحليل والاستنباط والرجوع إلى أمهات هذا الفن وحسن استخدامها، ونحو ذلك مما يعين على إجادة أبحاث الماجستير والدكتوراه.

هذا وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم،

<<  <  ج: ص:  >  >>