مما سبق بيانه تبين للقارئ الكريم أن شهر شعبان شهر مبارك كريم وإن ما ورد في فضله من الأحاديث عام لا يخول لأحدٍ استحباب إحياء ليلة من لياليه بشيء من القيام لخصوص ليلة من لياليه، وخصوصاً ليلة النصف من شعبان فإنه وإن كان قد ورد في فضلها بعض الأحاديث الصحيحة والحسنة، إلا أنها أحاديث عامة ليس فيها إشارة ولا عبارة إلى جواز إحيائها، يؤكد ذلك ويوضحه أن الصحابة رضي الله عنهم لم يخصوها بشيء من ذلك.
وما ورد عن بعض التابعين في إحيائها فقد بينا أنهم اعتمدوا في ذلك إلى إسرائيليات وأحاديث واهيات، وأن جمهور التابعين من أهل المدينة والحجاز أنكروا ذلك وعدوه بدعة.
ثم إنهم (أي الذين أحيوها من التابعين) اختلفوا في صفة الإحياء. فمن ذهب منهم إلى إحيائها جماعة في المساجد اعتمدوا على حديث موضوع ومعلوم أن الله لم يتعبدنا إلا بما صح في السنة النبوية المطهرة.
ومن ذهب إلى إفرادها من التابعين، كالأوزاعي أنكروا على من أحياها جماعة وكرهوا ذلك.
وبينا أقوال أهل العلم في بدعية إفرادها بالعبادة، ومخالفة ذلك لجمهور السلف الصالح من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وغيرهم، من أئمة الدين ومخالفة ذلك للقواعد الأصولية عند علماء الأصول، وإنها داخلة في باب البدع الإضافية، فوجب العدول عنها والتحذير من تخصيصها بالقيام وإفراد نهارها بالصيام. وأنه من كانت عادته الصيام والقيام من كل ليلة جاز له بناءً عليه قيامها على سبيل الانفراد شأنها شأن سائر ليالي العام.
والله وحده المستعان وعليه التكلان. والحمد لله رب العالمين.