[النسب ومدى تأثير المستجدات العلمية في إثباته - دراسة فقهية تحليلية]
المؤلف/ المشرف:سفيان بن عمر بورقعة
المحقق/ المترجم:بدون
الناشر:كنوز إشبيليا - الرياض ̈الأولى
سنة الطبع:١٤٢٨هـ
تصنيف رئيس:فقه
تصنيف فرعي:فقه - أحكام مسائل فقهية منوعة مفردة
الخاتمة:
لا يسع الباحث في خاتمة هذه الدراسة إلا أن يحمده سبحانه وتعالى على توفيقه، وما أمده به من عون ورعاية على إتمام هذه الرسالة على هذا الوجه المثبت، فله الحمد وله الشكر حتى يرضى.
وبعد هذه الدراسة الشرعية للنسب ومدى تأثير المستجدات العلمية في إثباته، يسجل الباحث في خاتمتها أهم النتائج التي توصل إليها، والفوائد التي وقف عليها، وذلك فيما يلي:
أولاً: تناول الباحث الحديث في الباب الأول من هذه الدراسة عن الجانب النظري المرتبط بالنسب، وقام بدراسة وتأصيل أهم القضايا المتعلقة به، وأهم النتائج التي يمكن الإشارة إليها في هذا الصدد كالآتي:
١) حاول الباحث تعريف النسب من خلال تتبع النصوص الشرعية التي وردت بشأنه، وخلص إلى تعريف يُلِمُّ بالمعاني التي دلت عليها تلك النصوص، ألا وهو: (العلاقة الاجتماعية التي تربط الفرد الإنساني بأبويه وأقاربه الذين يشتركون معه في ولادة قريبة أو بعيدة)، كما وضع له أنواعاً واصطلح عليها بأسماء تفيد في النظر في أحكامه ومسائله.
٢) الأصل في ثبوت النسب في الشريعة هو كون المولود نشأ من اتصال جنسي بين الرجل والمرأة تحت مظلة الزواج؛ لكن إذا حصلت علاقة جنسية خارج إطار الزوجية استحقا العقوبة الشرعية اللازمة، وترتب عنه لحوق النسب، فالمولود هو ولدُ صاحب الماء وولد المرأة شرعاً؛ لأن النسب له حقيقة واحدة لا يختلف باختلاف المرأة والرجل، أو المسلم والكافر، فكل مولود يلده الإنسان فهو ابنه شرعاً ولغة وطِبّاً، وهذا أصل يقاس عليه كل علاقة جنسية محرمة بين الرجل والمرأة، أو أي ممارسة طبية لوسائل محرمة للإنجاب، فإذا نتج عن تلك العلاقة أو الممارسة أولاد وثبت لدينا مصدرهم؛ فقد تحقق مناط الانتساب، فيثبت لذلك نسبهم لآبائهم.
٣) الوطء بشبهة النكاح – على اختلاف أنواع الشبهات التي ذكرها الفقهاء – يعود في جملته إلى اختلال شرط من شروط صحة النكاح، وهذا يجعله من قبيل النكاح الفاسد.
لذا كان من الأولى – اعتباراً بهذا المعنى – أن تناقش مسائله مع مسائل النكاح الفاسد، ولم يكن من حاجة إلى جعل هذا الباب قسيماً للنكاح الفاسد، كما هو السائد في الكتابات الفقهية.
٤) عرض الباحث لمسألة تنسب ابن الزنا من الزاني، وحرر فيها موطن الاتفاق والخلاف بين الفقهاء، وتوسع في مناقشة جوانب المسألة؛ نظراً لأهميتها من الناحية الاجتماعية، ولما قد ينبني عليها من المسائل النازلة التي تتصل بقيام علاقة للنسب، وقد توصل إلى صحة تنسيب ابن الزنا من أبيه الزاني ما لم ينازعه فيه صاحب فراش صحيح، وأن القول بذلك ليس فيه معارضة للنصوص الشرعية، فضلاً على انطوائه على مصالح داخلة في نطاق حفظ النفس والنسب، وحفظاً له من الضياع والانحراف والنقمة على المجتمع، وقد حقق الباحث مفهوم حديث (الولد للفراش)، وأنه لا يدل على نفي نسب ولد الزنا عن الزاني في فرض عدم الفراش، أو في فرض العلم بعدم كون الولد من ماء الزوج وحصول اليقين بكونه من ماء الزاني، كما أنه ليس في الحديث تعرض لنفي الولد عن المرأة الزانية، فهي أمه، فيكون الزاني أباه؛ لأنه أحد الزانيين، وهو مقتضى القياس الصحيح.
٥) أن أدلة إثبات النسب أدلة معللة وليست تعبدية، وكل ما يمكننا الاستفادة منه في الوقت الحاضر من وسائل علمية، أو مكتشفات طبية في مجال إثبات النسب لا يعد خروجاً عن نصوص الشريعة أو معانيها؛ بل هو دائر في فلك تلك النصوص ومستند إليها.