الخاتمة: رزقنا الله حسنها: بعد أن وفق الله سبحانه وتعالى بتأصيل قواعد رد البدع، وتقعيد أصولها، سهل – بمشيئة الله – على العبد الموفق مجاوزة عقبة (البدع)، وهي عقبة كؤود من العقبات التي يضعها الشيطان الرجيم أمام طريقه تنفيراً له عن سبيل الحق، وإبعاداً له من طريق الصواب.
"فإن قطع هذه العقبة، وخلص منها بنور السنة، واعتصم منها بحقيقة المتابعة، وما مضى عليه السلف الأخيار من الصحابة والتابعين لهم بإحسان"[مدارج السالكين ١/ ٢٢٣]؛ كان ممن أراد الله جل وعلا لهم الخير والسداد وحسن الإيمان. فالبدع في حقيقتها سم ناقع، "فالحذر الحذر من هذا السم؛ فإنه قاتل، ومل مع الحق حيث كان، وكن متيقظاً لخلاص مهجتك بالاتباع، وترك الابتداع، واقبل نصيحة أخ مشفق، فإن الاتباع أفضل عمل يعمله المرء في هذا الزمان"[المدخل ٢/ ٢٦٣]، بل وفي كل زمان. "ولقائل أن يقول: إذا أمرت الناس باجتناب البدع واتباع السنن؛ ثاروا علي، وأقاموا على القيامة، وقالوا: هل أنت أعلم من فلان؟ فهو يقول بكذا وكذا!! ويأمر به! ويمضي عليه! وأنت تنهى عنه، وتظن أنك أكثر اتباعاً للسنة منه!!. فليعلم من يدور بخلده ذلك القول أو هذا السؤال: أن الجهل قديم قدم الزمان، وهو دائماً في عناد ولجاجة مع العلم! فإذا اجتمع أهل العلم، وتركوا التفرق والتحزب؛ خفي الجهل، وعم العلم. وإذا اتبع كل واحد منهم هواه، وترك دينه وراءه ظهرياً؛ ظهر الجهل، وعلا، وعم بين الناس، حتى يروا المنكر معروفاً والمعروف منكراً"!! "فهنيئاً لمن وفقه الله في عبادته لاتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ولم يخالطها ببدعة، إذاً؛ فليبشر بتقبل الله عز وجل لطاعته، وإدخاله إياه في جنته"[حجة النبي صلى الله عليه وسلم، ص١٠١]. "جعلنا الله من المتبعين للسنن كيفما دارت، والمتباعدين عن الأهواء حيثما مالت؛ إنه خير مسؤول، وأعظم مأمول"[الإحسان إلى تقريب صحيح ابن حبان ١/ ١٦٤]. وصلى الله تعالى وسلم على نبيه وعبده وعلى آله وصحبه ووفده. وكتبه: علي بن حسن بن علي بن عبدالحميد، أبو الحارث الحلبي الأثري؛ حامداً لله، مصلياً ومسلماً على رسوله صلى الله عليه وسلم، سائلاً ربه تفريج الكرب، في الثالث من شهر رجب، سنة ١٤١١هـ، وفي القلب غمة، وفي النفس حسرة، وفي الفؤاد لذعة، ولا حول ولا قوة إلا بالله