[مدى صحة تضمين يد الأمانة بالشرط في الفقه الإسلامي]
المؤلف/ المشرف:نزيه كمال حماد
المحقق/ المترجم:بدون
الناشر:البنك الإسلامي للتنمية ̈الأولى
سنة الطبع:١٤١٩هـ
تصنيف رئيس:فقه
تصنيف فرعي:ضمان المتلفات فيما دون النفس
الخاتمة
لقد انتهينا بعد الدراسة الفقهية المقارنة لأقوال الفقهاء ومذاهبهم حول يد الأمانة وحكمها، وموجبات ضمانها، ومدى صحة اشتراط الضمان على الأمناء إلى ما يلي:
١ - أن اليد التي تعني في المصطلح الفقهي "الاستيلاء على الشيء بالحيازة" تسمى: يد ضمان، ويد أمانة.
٢ - فأما يد الضمان: فهي يد الحائز للشيء بدون إذن مالكه – كالغاصب والسارق – أو بإذنه ولكن بقصد تملكه، كالقباض على سوم الشراء والملتقط بنية التملك. وأن حكمها الضمان مطلقاً، أي غرم ما يتلف تحتها من مال الغير، أياً كان سبب هلاكه.
٣ - وأما يد الأمانة: فهي يد الحائز للشيء بإذن صاحبه، لا بقصد تملكه، لمصلحة تعود لمالكه (كالوديع والوكيل والولي والوصي والناظر) أو لمصلحة تعود للحائز (كالمستعير والمرتهن والمستأجر والقابض على سوم النظر) أو لمصلحة مشتركة بينهما (كالمضارب والشريك والمزارع والمساقي). وأن حكم هذه اليد في الأصل أنها لا تتحمل تبعة هلاك أو ضياع ما تحتها من مال الغير ما لم تتعد أو تفرط في المحافظة عليه.
٤ - أما عن تحديد الأيدي الأمينة شرعاً، فقد اتفق الفقهاء على أن يد الوديع والمستأجر والمضارب والشريك والرسول والأجير الخاص والوكيل بغير أجر والولي والوصي على مال الصغير والمحجور والناظر على الوقف وبيت المال والملتقط بنية التعريف ومن ألقت الريح في بيته متاعاً لغيره .. كلها أيدي أمانة، وتسري عليها أحكامها ولكنهم اختلفوا في أيد أخرى، كيد المستعير والمرتهن والوكيل بأجر والأجير المشترك والصناع، فذهب بعضهم إلى أنها يد ضمان، وذهب غيرهم إلى أنها يد أمانة ويرجع اختلافهم في ذلك إلى عدة أسباب:
أحدها: أن بعض هذه الأيدي يتنازعها شبهان، أحدهما: إلى الأيدي الأمينة والثاني: إلى الأيدي الضامنة والأنظار مختلف في ترجيح غلبة أحدهما.
والثاني: استحسان بعض الفقهاء تضمين بعض الأمناء في الأصل لداعي التهمة، سداً لذريعة إتلاف الأموال وتضييعها.
والثالث: اختلاف العلماء في ثبوت أو دلالة بعض الأحاديث المتعلقة بالموضوع.
٥ - لم يثبت في شيء من نصوص الكتاب والسنة ما ينهض حجة على كون يد الأمانة لا تضمن ما يتلف بحوزتها من غير تعد أو تفريط. ولهذا انحصر استدلال الفقهاء على أصل عدم تضمينها بأمرين:
أحدهما: اعتبار الحائز نائباً عن المالك في اليد والتصرف، وذلك يستوجب أن يكون هلاك العين في يده كهلاكها في يد مالكها.
والثاني: استصحاب دليل البراءة الأصلية للحائز. وهذا يقتضي عدم جواز تضمين يد الأمانة إلا بموجب شرعي.
٦ - أن هناك موجبات شرعية عديدة لانقلاب يد الأمانة إلى يد ضمان، منها ما هو متفق عليه بين الفقهاء، كالتعدي والتفريط، ومنها ما هو مختلف فيه، أو نص عليه بعض الفقهاء دون سائرهم: مثل التجهيل، والتهمة، والمصلحة العامة، والعرف، وتطوع الأمين بالتزام الضمان بعد العقد، واشتراط الضمان على الأمين.
٧ - وأن الفقهاء اختلفوا فيما هو الأصل في حكم الشروط العقدية التي فيها مخالفة أو تعديل لمقتضيات العقد، وذلك على ثلاثة اتجاهات:
أحدها: للحنفية؛ وهو أنها شروط فاسدة إلا إذا جرى بها العرف.
والثاني: للشافعية والمالكية وبعض الحنابلة، وهو أنها شروط فاسدة في الجملة باستثناء بعض الشروط التي اقتضت ضرورة الجمع بين الأحاديث المتعارضة إباحتها، أو التي نازعوها في كونها مخالفة لمقتضى العقد.