[عقد الاستصناع ومدى أهميتة في الاستثمارات الإسلامية المعاصرة]
المؤلف/ المشرف:مصطفى أحمد الزرقاء
المحقق/ المترجم:بدون
الناشر:البنك الإسلامي للتنمية ̈الأولى
سنة الطبع:١٤١٦هـ
تصنيف رئيس:اقتصاد
تصنيف فرعي:عقود مالية - منوعات
الخلاصة والنتيجة
بعد كل ما تقدم بيانه، أنتهي إلى الخلاصة والنتيجة التالية:
(١) أن عقد الاستصناع هو عقد مستقل، وهو نوع من البيع يتميز بخصائص وملابسات تستلزم بعض استثناءات من أحكام البيع العادي (كغيره من أنواع البيع الخاصة)، وليس صورة من صور عقد السلم، فلا يشترط فيه تعجيل الثمن كما يشترط في السلم.
(٢) أن عقد الاستصناع هو نوع من البيع محله الشيء المتعاقد على صنعه، في مدة محددة، فالمحل فيه معدوم حين العقد، يلتزم البائع بصنعه.
(٣) أن الاستصناع، بمقتضى كونه نوعا من البيع، يخضع مبدئيا لأحكام البيع العامة. لكنه بمقتضى كونه نوعا خاصا ذا خصائص توجب له بعض أحكام استثنائية (كغيره من أنواع البيع) فإنه يتميز ببعض أحكام استثنائية من قواعد البيع العادي (المطلق).
(٤) أن البائع في عقد البيع بجميع أنواعه يعتبر ملتزما بتسليم المبيع صالحا لأداء المنفعة المقصودة منه، وخاليا من كل عيب فيه قبل تسليمه إلى المشتري، وأن البائع مسئول بضمان العيب بحكم القانون السائد دون حاجة إلى اشتراط هذه السلامة في العقد. أما تبرؤه من هذه المسئولية عن عيوب المبيع فهذا الذي يحتاج إلى اشتراط في العقد.
(٥) أن البائع إذا اشترط في البيع العادي براءته وعدم مسئوليته عن عيوب المبيع أو تحديد مسئوليته بحد لا تتجاوزه، وهو حسن النية (غير مدلس لعيب يعلمه وكتمه) فشرطه هذا صحيح في نظر القانون الوضعي وفي بعض مذاهب الفقه الإسلامي مطلقا، وغير صحيح لدى معظم المذاهب الفقهية إلا في حالات خاصة.
(٦) أن اشتراط البائع الصانع في عقد الاستصناع عدم مسئوليته عن عيوب المبيع الذي سيصنعه (أو تحديدها) قد سكنت عنه النصوص، فيجب أن يعتبر هذا الاشتراط، في الاستصناع بخاصة، باطلا، وأن يبقى البائع الصانع مسئولا تجاه المشتري المستصنع مسئولية كاملة عن عيوب الشيء الذي سيصنعه للمشتري. وأن بطلان هذا الاشتراط من جملة الأحكام الاستثنائية من قواعد البيع العادي، لأن هذا الاشتراط في الاستصناع يحمي سوء نية البائع وفساد الأخلاق، فيكون مخالفا لقواعد النظام العام الذي هو قيد على سلطان الإرادة العقدية بإجماع القانونيين في عالم القانون الوضعي، ومخالفا لمقاصد الشريعة الإسلامية في نظر فقهائها.
(٧) أن سكوت فقهاء الشريعة في القديم، وعدم تعرضهم لحكم هذا الاشتراط في عقد الاستصناع، مرده إلى أن هذا الاشتراط لم يكن يقع بالفعل في عقود الاستصناع، للأسباب المبينة في هذا البحث. فاليوم حيث تطور الاستصناع، فأصبح يشمل الأجهزة والآليات الضخمة والمعامل الكاملة، وأصبح الصانع البائع يشترط هذه البراءة من العيوب ليحمي نفسه من المسئولية عن الأخطاء التقانية (التكنولوجية)، وجب أن يعالج ما سكت عنه الفقهاء والقانونيون باجتهاد مناسب يقرر الحل والحكم العادل المتفق مع قواعد العدل والإنصاف، وسلطان الإرادة العقدية، وقيود النظام العام عليها في القانون، وقيود مقاصد الشريعة في الفقه الإسلامي، أي في ضوء هذه الأصول كلها.
وحصيلة النظر في هذه الأصول كلها توجب بطلان هذا الاشتراط في عقد الاستصناع، إقامة للتوازن القانوني بين العاقدين، وحماية لكل منهما من سوء نية الآخر وغشه وإهماله، وحماية للأخلاق العامة، كما أوضحته بالتفصيل خلال البحث. والله سبحانه وتعالى أعلم، وهو الموفق للصواب.