[الخوارج دراسة ونقد لمذهبهم]
المؤلف/ المشرف:ناصر بن عبدالله السعوي
المحقق/ المترجم:بدون
الناشر:دار المعراج الدولية ̈الأولى
سنة الطبع:١٤١٧هـ
تصنيف رئيس:فرق وملل ونحل
تصنيف فرعي:خوارج
الخاتمة: تم بفضل الله وتوفيقه، ما أردت ذكره في هذه الرسالة، عن موضوع الخوارج ودراسة مذهبهم ونقده.
وقد أشرت في مقدمة هذه الرسالة إلى ما يعانيه المسلمون في هذا الزمان من التفرق والتمزق واختلاف الكلمة، وهذا مرض خطير قد عرض الأمة إلى الهلاك والويلات والدمار والضعف والانهيار حتى أصبحوا لقمة سائغة للأعداء.
وواجبنا نحن المسلمون اليوم أن نبحث عن علاج نستطب به، ولكن قبل ذلك لا بد من معرفة أسباب ذلك الداء وأصوله.
وقد بحثنا عن هذه الأسباب فلم نجدها وليدة هذا العصر بل وجدناها ضاربة في أعماق التاريخ الإسلامي، ومنذ فجر الإسلام، إذ إن من هذه الأسباب: الجهل بحقيقة الدين ومبادئه السامية وتحكيم الرأي وهوى النفس ولو كان مخالفا للشرع وعدم تمكن الإسلام من قلوب كثير من المسلمين مما جعلهم ألعوبة بأيدي أعداء الإسلام الذين يحملون له الكيد والحقد فتظاهروا بالإسلام حيلة لتحقيق أغراضهم وأطماعهم وهذا من أعظم أسباب تفرق الأمة الإسلامية.
وبناء على ذلك ظهرت فرق منتسبة إلى الإسلام وهي مخالفة للمنهج الإسلامي الصحيح بعيدة عن الصراط المستقيم.
(والخوارج) هم إحدى تلك الفرق وقد ذكرت في الباب الأول من هذه الرسالة: نشأتهم وأصل مقالتهم وسبب خروجهم عن جماعة المسلمين، وهو لا يعدو تلك الأسباب المذكورة.
وحتى الخوارج بعد مفارقتهم لجماعة المسلمين لم يسلموا من الفرقة والخلاف بل دب النزاع بينهم فأصبحوا فرقا بينها من الشقاق والنزاع ما الله به عليم، كما بينت ذلك في الباب الثاني.
وإذا تدبرنا أهم آرائهم التي يجمعهم القول بها وجدناها من أعظم أسباب التفرق والانشقاق، وهي قولهم بتكفير صاحب الكبيرة، ورأيهم في الإمامة.
أما تكفير صاحب الكبيرة فعندهم أن من فعل معصية كبيرة فهو كافر خارج من الدين، وتجب البراءة منه،
وهذا من أعظم أسباب التفرق والتمزق حيث إنه لا يسلم من ارتكاب معصية إلا القليل من الناس.
لكن الإسلام قد وضع الحلول العادلة التي تردع العاصي ولا تفرق الأمة؛ فبدعة الخوارج هذه من أعظم الأدلة على جهلهم وخبث مبدئهم.
وأما من جهة الإمامة: فعندهم أنه يجب الخروج على الإمام عند أدنى مخالفة من جور أو ظلم أو معصية أو نحو ذلك، حتى ولو أدى الأمر إلى الشقاق وحمل السلاح وسفك الدماء.
فهذا من أعظم أسباب تفرق الأمة وتمزق شملها وذهاب قوتها. ولذلك حرم الإسلام الخروج على الإمام المسلم.
وإذا تدبرنا حركات الخوارج وجدناها عاملا أساسيا في تفريق كلمة المسلمين وإضعافهم وإراقة بعضهم لدماء بعض، حتى وإن تظاهروا بإرادة الخير ونصرة الإسلام، ولكنهم يحملون أفكارا ليس فيها إلا الضرر والشر المحض.
ولذلك حذرنا منهم الرسول صلى الله عليه وسلم، كما حذرنا منهم الصحابة والسلف الصالح.
فالواجب على المسلمين اليوم أن يأخذوا حذرهم من أعداء الإسلام، وأن تكون لهم عبرة بما مضى.
وأن يتفقهوا أمر دينهم وأن يتمسكوا بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ففي ذلك السعادة والفلاح والنجاة، في الدنيا والآخرة.