للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[اليهود والدولة العثمانية]

المؤلف/ المشرف:أحمد نوري النعيمي

المحقق/ المترجم:بدون

الناشر:مؤسسة الرسالة - بيروت ̈الأولى

سنة الطبع:١٤١٧هـ

تصنيف رئيس:تاريخ

تصنيف فرعي:تاريخ - الدولة العثمانية

الخاتمة

يتضح مما تقدم، إن اهتمامات اليهود بفلسطين لا تعود إلى ظهور الحركة الصهيونية منذ مؤتمر بازل عام ١٨٩٧، بل إنها ترجع إلى تاريخ سابق من ذلك، وقد أصبحت هذه الاهتمامات واضحة منذ أن اتبعت السياسة الروسية استراتيجية جديدة ضد اليهود وذلك في عام ١٨٨٢. ولكن هذا لا يعني بأن اليهود لم يعملوا قبل هذا التاريخ أيضاً، حيث نرى أنه بعد استقرارهم في الدولة العثمانية، حينما قام الملك فريناند ملك إسبانيا بطرد اليهود من إسبانيا، انصبت جهودهم في السيطرة على المجالات الحيوية في الدولة العثمانية بعد أن اعتنق قسم من هؤلاء الدين الإسلامي، وقد عرف هؤلاء فيما بعد بيهود الدونمة.

إلا أن جهود اليهود لإقامة دولتهم المزعومة في فلسطين قد أصبحت واضحة إلى حد بعيد بعد هجرتهم من روسيا القيصرية على أثر المذابح المشهورة ضدهم، حيث أصدر السلطان مجموعة من الفرمانات أكدت على منحهم الجنسية العثمانية. وفي الواقع أن جهود اليهود لم تقتصر على الاستقرار في الدولة العثمانية، واعتبارهم من رعاياها، بل أخذ اليهود يسعون للتأثير على السلاطين العثمانيين بغية إطلاق باب الهجرة إلى فلسطين.

وعلى الرغم من أن الدولة العثمانية قدمت مشاريع عديدة كانت في صالح الحركة الصهيونية، أكدت على استيطان اليهود في خارج الحدود الاقليمية لها مثل أوغندا، إلا أن الحركة الصهيونية قد أصرت على الاستيطان في فلسطين. وفي الواقع قامت الدولة العثمانية بإصدار بعض الفرمانات الجزئية لصالح اليهود، الأمر الذي أدى إلى استغلالها من قبل اليهود، حيث زادت الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وقد اتبع اليهود ومنذ ذلك التاريخ سياسة المراوغة والتحايل على القانون المحلي، حيث قاموا بشراء الأراضي بأسماء عربية تركية، وأقاموا مستعمرات صهيونية. علاوة على ذلك فإن اليهود عمدوا إلى سياسة الرشوة مع المسؤولين العثمانيين سواء في سراي يلدز أو متصرفية القدس، وعندما كانوا يصطدمون بمن يرفض طلباتهم، يلفقون عليه تهمة الانتساب لجمعيات سرية مناهضة للسلطان العثماني.

واتضح لنا أيضاً، بأنه حدثت اتصالات بين عبد الحميد وهرتزل، وفي الحقيقة نرى بأن الأول كان يرمي من وراء اتصالاته مع هرتزل تحقيق الأهداف التالية:

معرفة النوايا الحقيقية للمنظمات الصهيونية.

معرفة القوة الحقيقية لليهود، بالإضافة إلى معرفة مراكز الاستقطاب الدولي في تلك الحقبة التي بدأت تساند الحركة الصهيونية.

حاول عبد الحميد معرفة العلاقة بين اليهود والماسونية في الدولة العثمانية.

كشف تنظيمات جمعية الاتحاد والترقي، وقد استطاع فعلاً معرفة الشيء الكثير عن تنظيماتها، ولا سيما بعد لقائه مع هرتزل، حيث أعلنت بعض الصحف عن هويتها عن طريق تأييدها لمحاولات هرتزل، وخصوصاً إذا عرفنا أن هذه الصحف كانت تابعة للجمعية المذكورة.

أما بالنسبة لهرتزل فإنه كان ينوي من وراء هذه الاتصالات مع عبد الحميد، إنجاز المهام الآتية:

انفاق مبالغ هائلة مهما كانت قيمتها، من أجل استيطان اليهود في فلسطين، واستعداده تقديم رشوة إلى عبد الحميد ورجال سراي يلدز، في سبيل تحقيق أهدافه.

استغل هرتزل إنهماك الجيش العثماني في الدول البلقانية، حيث حاول تقديم مليونين من الليرات الذهبية عند لقائه مع عبد الحميد.

<<  <  ج: ص:  >  >>