للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأشاعرة في ميزان أهل السنة]

المؤلف/ المشرف:فيصل بن قزاز الجاسم

المحقق/ المترجم:بدون

الناشر:المبرة الخيرية لعلوم القرآن والسنة – الكويت ̈الأولى

سنة الطبع:١٤٢٨هـ

تصنيف رئيس:فرق وملل ونحل

تصنيف فرعي:أشاعرة

الخاتمة

بعد هذا البيان والتوضيح لمنهج أهل السنة والجماعة ولمعتقد السلف الكرام، بات من الواضح لكل ذي عينين مخالفة الأشاعرة لمنهج أهل السنة والجماعة وتنكبهم عن طريقهم إلى طرق أهل الكلام، وطرق أهل الخوض في أسماء الله وصفاته بالعقول القاصرة.

واتضح لنا الخطأ الذي يتكرر على ألسنة بعض الباحثين بل وبعض المنتسبين إلى العلم من عد الأشاعرة والماتريدية من أهل السنة والجماعة حتى قال بعضهم: إن مصطلح أهل السنة والجماعة يشمل ثلاث طوائف: أهل الحديث، والأشاعرة والماتريدية.

وهذا لعمري من الجمع بين النقيضين إذ أن تقرير أهل الحديث لمسائل المعتقد ومصادرهم تختلف عن مصادر المتكلمين وتقريرهم.

فكيف يجتمع نكير السلف على أصحاب التأويل للصفات والمخرجين لنصوصها عن ظواهرها اللائقة بالله تعالى مع تجويزه بل مع وجوبه كما هو قول الأشاعرة في كثير من الصفات.

أم كيف يجتمع سعي السلف في تأليف الكتب والمؤلفات التي تبطل التأويل وترد على أصحابه مع تلك التي تدعو إلى التأويل وتجعله أصلا في العقيدة.

وقد تبين لنا أيضا مما سبق نقله أن كثيرا من تأويلات الأشاعرة لكثير من صفات الله تعالى هي عين تأويلات الجهمية والمعتزلة التي تواتر عن السلف الإنكار على أصحابها والنهي عنهم والتحذير منهم كتأويلهم للوجه واليدين والعينين والنزول والمجيء والضحك ونحوها من الصفات.

وأما ما يمارسه بعض الناس من تهويل يريد به إسكات أهل الحق عن رد الباطل وإنكاره فتراه يقول: إن الحكم على الأشعرية بالضلال يستلزم تضليل الأمة وتسفيه علمائها الذين سلكوا هذه الطريقة عبر كثير من القرون، وما إلى ذلك من التهويلات. فهذا مردود عليه من وجوه.

أولها: أن هذا الإلزام إن صح فإنما يتوجه ابتداء إلى السلف والأئمة قبل أن يتوجه إلينا لأنهم أول من أنكر على من تأول الصفات بل واشتد نكيرهم وتغليظهم في ذلك حتى عدوا كل من تأول صفة لله وصرفها عن ظاهرها من الجهمية، وقد مر معنا في ثنايا هذا الكتاب كثير من كلامهم ومنها وصف الإمام أحمد لن أنكر الحرف والصوت لله بالتجهم، وكذلك من تأول صفة الضحك لله وغيرها كثير.

فكيف نلام على ما نحن متبعون فيه، ولا يلام غيرنا على ما هم مبتدعون فيه؟

الوجه الثاني: أن الحكم على الأوصاف بالبدعة والضلالة لا يستلزم الحكم على الأشخاص فقد يقع العبد في معصية أو بدعة ونحو ذلك ولا يكون في الأمر نفسه عاصيا ولا مبتدعا وذلك إما لوجود مانع من إكراه وشبهة ونحو ذلك أو لفقد شرط كعلم ونحوه.

قال تعالى: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} [الإسراء: ١٥]

وقال عمرو بن العاص رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر " ()

فمن اجتهد في الوصول إلى الحق وبذل وسعه متجردا لله تعالى مؤثرا للحق على غيره فلم يصب فهو مأجور على اجتهاده في طلب الحق

ولكن، لا يعني هذا السكوت على خطئه، وترك الإنكار عليه فإن إنكار المنكر واجب لعموم قوله تعالى {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر} [آل عمران: ١١٠]

وقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان" ()

والمنكر: هو كل ما خالف الكتاب والسنة وهدي السلف.

ومنه: تسليط سهام التأويل على صفات الله تعالى التي بينها لعبادة وأوضحها في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>