الخاتمة: يجب أن يبقى منهج أهل السنة متفردا لا يختلط بغيره: إن من أعظم النعم التي ينعم بها المسلمون أن المنهج الإيماني القرآني الذي أنزله الرب على عبده ورسوله – محمد صلى الله عليه وسلم – بقي صافيا واضحا بينا لم يختلط بغيره من العقائد الفاسدة والمذاهب الزائغة، وكان هذا من حفظ الله لدينه، الذي تكفل به في محكم كتابه. وقد سبقت الإسلام أديان ومذاهب، ونشأت مذاهب أخرى بعد نزوله واستقراره، وكل هذه المذاهب وتلك الأديان يحاول أصحابها حرف الإسلام عن مساره، والزعم بأنه يمكن التوفيق بين الإسلام وبين غيره من الأديان المحرفة والمذاهب الباطلة. لقد أجهد الفلاسفة أنفسهم في التوفيق بين حقائق الإسلام وبين خزعبلات الفلاسفة مدعين دعوى المشركين في ذلك حيث حكى عنهم رب العزة أنهم قالوا:{إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا}[النساء: ٦٢] واليوم تثور دعوات مشبوهة تنادي بحرارة وقوة للتوفيق بين الإسلام والنصرانية واليهودية والشيوعية زاعماً أصحابها أنهم يريدون الإحسان والتوفيق.
والفرق الإسلامية التي انحرف مسارها وتشكلت منهجا عقائديا أو سلوكيا ينادي بعض أتباعه إلى التقارب مع أصحاب المنهج الحق، وقد انخدع بكل تلك الدعوات بعض أتباع المنهج الحق، وظنوا أن في ذلك خير للإسلام وأهله. ونحن نقول: إننا لا نرفض الحوار الهادف الذي تكشف فيه الحقائق، وتكشف به العقائد الزائغة والمنحرفة، فذلك منهج أصيل دعا إليه ديننا، ولكننا نرفض أن تحرف حقائق الإسلام كي تلتقي مع أباطيل النصرانية واليهودية والشيوعية وغيرها. ومن هذا المنطلق فإننا ننكر على الذين يجهدون أنفسهم من أهل المنهج الصحيح كي يعقدوا جسورا مع المناهج الخاطئة في باب الأسماء والصفات وفي غيرها. إن القيمة الكبرى هو أن يبقى المنهج الحق واضح المعالم لطالبي الحق، ظاهرة أنواره، بارزة خطوطه، وأن يبقى الفرق بينه وبين غيره مستعلنا، كي تقوم حجة الله على خلقه، وكي يستطيع الباحثون عن الهدى أن يعرفوه، وقد ذم الله اليهود الذين ألبسوا الحق بالباطل، وخلطوا دين الله بغيره، فغيروا معالم دين الله، بحيث أصبح الباحثون عن دين الله يعتاص عليهم الوصول إليه.
لقد رأيت كثيرا من الباحثين المعاصرين من أفاضل أهل العلم انطلت عليهم الحيلة فأصبحوا دعاة للتقريب بين المناهج المنحرفة والمنهج الحق، وأخذوا يبررون ضلال أهل الباطل، ويتلمسون لهم المعاذير، إن المنهج الذي نختطه هو ما علمنا الله إياه في أمره لرسوله صلى الله عليه وسلم:{قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين}[يوسف: ١٠٨].
وختاما نقول كما علمنا الله أن نقول:{سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين}[الصافات: ١٨٠]