للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[صحيفتا عمرو بن شعيب وبهز بن حكيم عند المحدثين والفقهاء]

المؤلف/ المشرف:محمد علي ابن الصديق

المحقق/ المترجم:بدون

الناشر:وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية - الكويت ̈بدون

سنة الطبع:١٤١٢هـ

تصنيف رئيس:علوم حديث

تصنيف فرعي:دراسات حديثية

خاتمة

هذه أيها القارئ الكريم خلاصة جهدي المتواضع التي أمكنني الوصول إليها، بعد عناء طويل ودراسة وافية، اقتضت منى بذل كل ما استطعت من جهد ووقت في البحث عن مراجع الموضوع ومختلف المظان التي ترتبط به، أو لها به علاقة من قريب أو بعيد. ولم آل جهداً في توثيق النصوص والرجوع بها إلى مصادرها الأصلية، ثم المقارنة بينها واستخلاص ما يمكن استخلاصه منها من آراء وأحكام تعبر عن وجهة نظر أصحابها مع الاستدلال والتعليل، عازياً كل قول أو رأي إلى مصدره.

وتكمن أهمية موضوع البحث من حيث تناوله لدراسة وثيقتين هامتين، قد تساعد على تغيير بعض المفاهيم وترفع بعض اللبس الحاصل في مسألة تدوين السنة في الصدر الأول للإسلام.

فإذا كانت صحيفة عبدالله بن عمرو هي بحق أول تدوين في الإسلام، بحيث كتبت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبإذن منه، فإن هذه الصحيفة لم تصلنا إلا عن طريق ابن حفيده عمرو بن شعيب. ولم يهتد كثير من العلماء إلى أن لهذه الصحيفة طريقاً آخر، هو طريق حسين بن شقي بن ماتع الأصبحي، مما نقل ذلك المقريزي في خططه. وقد أخرج روايته أبو داود في سننه، وهي متابعة جيدة.

كما أن صحيفة معاوية بن حيدة لم تصلنا إلا من طريق حفيده بهز، ولهذه الصحيفة أيضاً متابعة جيدة.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن رجال سند الصحيفتين هم ثقات. فكان بالتالي جمع نصوص الصحيفتين وتوثيقهما في مكان واحد أمراً له أهميته من حيث التدليل على أن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب بعضه في الصدر الأول للإسلام. وأن التدوين الفردي الذي لم تكن له تلك الصفة الرسمية التي ألصقت به في مستهل القرن الثاني الهجري، كان شائعاً ومتداولاً بين القدماء. وكانوا يستعينون على تقييد مروياتهم بالكتاب ليرجعوا إليها كلما دعت الضرورة إلى ذلك زيادة في الضبط والإتقان.

على أن التعويل عندهم في أداء الحديث كان على الرواية الشفوية وحدها لأنها أنجع طريق لتحمل الحديث وأحوط لهم من الوقوع في التدليس والوضع والتحريف والتصحيف.

وما تدوين الصحف التي وصل إلينا بعضها مثل الصحيفة الصحيحة لهمام بن منبه إلا دليل على ما ذهبنا إليه من انتشار التدوين وذيوعه في القرن الأول الهجري.

وفي هذا السياق وتتميماً للفائدة، درست نماذج لصحف مشهورة مثل صحيفة علي ابن أبي طالب وجابر بن عبدالله وهمام بن منبه، فترجمت لأصحابها وعرفت برواتها ومروياتهم، وتعمدت في ذلك الاختصار خشية الإملال والتطويل ...

ثم انتقلت إلى الصحيفتين موضوع البحث، فتتبعت أحاديث عمرو بن شعيب وبهز بن حكيم عن أبيهما عن جدهما من مختلف مظان السنة النبوية، فاستقرأت بشمول أحاديثهما، معتمداً في ذلك منهج الإحصاء، مع التدليل على مكان ورودهما في كتب السنن والصحاح والمسانيد والمصنفات والمعاجم والمستخرجات وغيرها من الأصول المسندة. ثم جمعت طرق هذه الأحاديث وميزت المكرر منها مع النص على الزيادات والمخالفات في المتن والسند.

وبعد هذه العملية، تجمعت لدي نصوص الصحيفتين بكاملهما، وهو ما يمكن أن يكوّن نص صحيفة عبدالله بن عمرو وصحيفة معاوية بن حيدة.

وأردفت إلى هذه النصوص نصوصاً أخرى موقوفة بسند الصحيفتين ليتكون من ذلك كله نسختا عمرو وبهز، وهما موافقتان ـ حسب اصطلاح المحدثين ـ لمسند عمرو بن شعيب وبهز بن حكيم عن أبيهما عن جدهما.

وتبين لي من خلال هذا البحث أن ما رواه الإمام أحمد والطبراني في الكبير لا يمثل الصحيفتين بكاملهما، كما يوهم كلام بعض المعاصرين ـ وإنما يمثل الجزء الأكبر منهما.

هذا إلى ما أجملته من آراء لعلماء الحديث حول الصحيفتين رداً وقبولاً مع بيان آراء الفقهاء فيهما وموقعهما منهم.

ومع هذا كله فلا أدعي أنني ألممت بجميع جوانب الموضوع، وإنما هي جهود مُقِلٍ تحتاج إلى تضافر جهود أخرى من الباحثين والمختصين، خصوصاً وأن الموضوع بِكْر لم يُطْرق بعدُ، وما وصَلَنا عنه ما هو إلا إشارات من بعض القدماء الذي تعرضوا لجوانب محددة في أحاديث عمرو بن شعيب وبهز بن حكيم.

ومؤلفات هؤلاء وبحوثهم مفقودة لا وجود لها، كمسند عمرو بن شعيب الذي هو من تصنيف الإمام مسلم صاحب الصحيح.

وشرف عظيم لي أن "أوافق" الإمام مسلم فيما قام بتصنيفه.

وفي نهاية هذا البحث، أتقدم بشكري الجزيل، إلى أستاذي المشرف العلامة الدكتور فاروق حمادة، الذي تتبع باهتمام وعناية مراحل هذا البحث فجزاه الله خيراً.

وبهذا تم البحث على قصور فيه، ولله الكمال وحده، والحمد لله أولاً وأخيراً وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>