[النجاسات وأحكامها في الفقه الإسلامي]
المؤلف/ المشرف:عبدالرحيم إبراهيم الهاشم
المحقق/ المترجم:بدون
الناشر:جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية - الرياض ̈بدون
سنة الطبع:بدون
تصنيف رئيس:فقه
تصنيف فرعي:طهارة - نجاسات
الخاتمة
الحمد لله الذي تتم به الصالحات، وأشكره سبحانه على إعانته لي بإتمام هذه الرسالة، وأسأله سبحانه أن يعظم لي الأجر فيما أصبت ويغفر لي الزلل فيما أخطأت، وأن يحسن لي ولوالدي ولمشايخي ولمحبي الخاتمة وبعد
فإن من أسعد أيام حياتي التي قضيتها، تلك الأيام التي عشتها متجولا بها في مباحث النجاسات وأحكامها في الفقه الإسلامي، والحق أن المنصف يجد سلف فقهاء الأمة (عليهم رحمة الله تعالى) قد سبقوا من أتى بعدهم فيما يتعلق بموضوع النجاسات وأحكامها، وأثروه إثراءً عظيما، ولعل من ذلك ما ذكره المالكية في لعاب الكلب، بأن الأمر بغسله سبعا ليست لنجاسته، وإنما هو أمر تعبدي. فإن هذا كان مبلغ علمهم، وقد جاء في العلم الحديث ما لعله يشهد لصحة قولهم بأن لعاب الكلب فيه من الآفات مالا يقضى عليها إلا التراب.
كما تكلم سلف الفقهاء على قضايا الأنافح واستخدامها في الأجبان، وعلى حكم الأجبان المستوردة المشكوك في استعمال شحم الخنزير فيها، وكذا غير الأجبان من الأطعمة والصابون ونحوها مما كثر الكلام حوله في هذا الزمن.
وتكلموا أيضا عن حمل النجاسة بالقوارير في الصلاة، وصدقها واقعنا اليوم كما في التحاليل الطبية، ونصوا على حكم سقي العروق بالدم والتخييط بالخيوط النجسة، وقبول أقوال الأطباء في الضرورة المحتمة للعلاج بالنجاسات ولو كانوا كفارا إذا وثق منهم .... وكل هذا واقع اليوم، وهناك أمور غير ما ذكرت مما يتعلق بالنجاسات تكلم في أحكامها الفقهاء السابقون فذكروا حلولها شرعا.
والحق أن البحث في موضوع النجاسات وأحكامها في الفقه الإسلامي، شيق وممتع ومفيد، لأن الباحث فيه يجد الحيوية التي يعايش بها العصر، كما أنه غني بالمادة العلمية الوافرة، التي دونها فقهاء الإسلام ومحدثوه عليهم رحمة الله ورضوانه، فلا يصعب على الباحث فيه شيء غير الجمع والتنسيق والعزو بالإحالة.
أن موضوع النجاسات وأحكامها ذو أهمية واضحة في حياة المسلمين ليس لارتباطه بالصلاة فحسب، وإنما لتداخله في الغذاء والرداء وسائر الانتفاعات الأخرى، ومعرفة هذا لا يستغنى عنه مسلم حتى المرأة في بيتها، والصانع في مصنعه، والمخبري في مختبره، والطبيب في عيادته .... فهو موضوع ذو أهمية كبيرة، وفوائد عظيمة، حري بالباحثين أن يتولوه بالبحث ويهتموا به.
وقد توصلت من خلال بحثي هذا الموضوع إلى نتائج عديدة، ولعل من أهمها ما يلي:
(١) إن الأصل في الأشياء الطهارة، ولا موجب لتنجيس شيء إلا النصوص الشرعية.
(٢) إن جميع أجساد الحيوانات الحية طاهرة، وبه يعلم جواز استخدام الكفار، وطهارة ما يغسلوه من الثياب، والأواني، وغيرها، مما يحتاج المسلمون إليهم فيه، وأن ما يقع من تلك الحيوانات الحية في المائعات لا ينجسها، وإن ظهر في تلك المائعات آثار ما وقع فيها من حيوان، إلا أن يكون من الفضلات النجسة، ما لم يمت فيه حيوان ينجس بالموت به ذلك المائع.
(٣) إن جميع أجساد الحيوانات الميتة نجسة، إلا حسد الآدمي والسمك وما لا نفس له سائل.
(٤) إن جميع الأجزاء المنفصلة من الحيوانات الحية تتبع ميتتها في الطهارة والنجاسة، عدا الشعر والصوف والوبر والريش من الحيوانات المأكولة فهي طاهرة حينئذ بالإجماع.
(٥) إن جميع فضلات الحيوانات الحية طاهرة، عدا بول الآدمي ومذيه، ووديه، ورجيعه، ودم الحيض، والنفاس، فإنها نجسة.