[الوفاة وعلاماتها بين الفقهاء والأطباء]
المؤلف/ المشرف:عبدالله بن صالح الحديثي
المحقق/ المترجم:بدون
الناشر:دار المسلم - الرياض ̈الأولى
سنة الطبع:١٤١٨هـ
تصنيف رئيس:فقه
تصنيف فرعي:موت - خاتمة - أعمال شاملة أو منوعة
الخاتمة
من خلال التتبع والدراسة للمراد بالوفاة وأماراتها، والموت ومتى يجزم بنزوله عند كل من المفسرين والمحدثين، وأهل اللغة والفقهاء، والأطباء؛ اتضح أن هناك قضايا ومسائل محل اتفاق بين الجميع. فهم يتفقون على التسليم بأن الوفاة هي: مفارقة الروح للبدن. وهم يتفقون – أيضا - على أن توقف القلب عن النبض، وتوقف النفس، وتوقف الدورة الدموية توقفا تاما لا رجعة فيه يقينا كاف للحكم بأن الشخص قد مات، لكنهم مختلفون في كيفية التوصل إلى هذه الحقيقة، وهذا اليقين.
فقبل تقدم الطب وأبحاثه المتعلقة بالدماغ، ودقائق وظائفه، كان يكفي للحكم بالوفاة توقف القلب عن النبض، وتوقف التنفس. أما الآن: فإن مجرد حصول هذه الأمارات لا يكفي للحكم بالوفاة عند الأطباء.
وعلى هذا فإن ما ذكره الفقهاء من أمارات وعلامات للوفاة أكثرها ظواهر تحدث للشخص بعد حصول وفاته وهي - في العادة – لا تحصل مع شخص بقي فيه حياة؛ خصوصا ما يذكرونه من علامات عند الشك في حصول الوفاة، كتغير الرائحة.
وهذه الأمارات والعلامات أقوى دلالة على الوفاة، مما يذكره الأطباء من أمارات؛ لأن ما يذكره الفقهاء ما هو إلا ناتج عن أن الوفاة حصلت وتمت، وهي - في الغالب – أدلة وظواهر تدرك بالمشاهدة والحس، يشترك في معرفتها عموم الناس، فيجزم من يرى الشخص قد تغيرت رائحته بأنه ميت منذ فترة.
ولعل الفارق بين الفقهاء والأطباء هنا: هو ما يجب أن ينتظر من الزمن. فمعلوم أن الأطباء يوافقون الفقهاء في التمييز بين الحي والميت بعد مرور زمن على حصول الوفاة، لكن الأطباء يحتاجون إلى معرفة اللحظة التي ينتقل فيه الإنسان من الحياة إلى ما بعدها. فيريدون معرفة اللحظة التي يفارق فيه الإنسان الحياة، ومتى يمكن تحديد إعلان الوفاة – ولا يزالون مختلفين في تحديد هذه اللحظة؛ خصوصا في بعض الحالات التي تستدعي استعمال أجهزة الإنعاش – وهذه اللحظة أقل أهمية عند الفقهاء فهم يعتبرون الشخص حيا – استصحابا للأصل – مهما حصل له من العوارض، حتى يحصل يقين بزوال حياته، وأن روحه فارقت جميع أجزاء بدنه.
أما عن كيفية حصول مفارقة الروح للبدن، وعلاقة الروح بالبدن، فهذا سر من الأسرار، التي لا يعلمها إلا خالق الروح والبدن. {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} [الإسراء: ٨٥].
أسأل الله – عز وجل – أن يوفقني لحسن القول، وصالح العمل، فما ذكرته في ثنايا هذا البحث المقتضب، إنما أوردته على سبيل البحث والدراسة، لا على سبيل الجزم وتقرير الأحكام.
والموضوع يحتاج إلى دراسة متعمقة، ومتابعة مستمرة من المختصين وطلبة العلم؛ لبيان الحكم الشرعي لما قد تتوصل إليه الأبحاث الطبية المتواصلة في هذا الموضوع وجوانبه.
وإتماما للفائدة: ألحق بهذا البحث توصيات ندوة (الحياة الإنسانية، بدايتها ونهايتها) التي عقدت في الكويت في ربيع الآخر من عام ١٤٠٥هـ.
وقد اقتصرت في عرض تلك التوصيات على ما يتعلق بنهاية الحياة. والله من وراء القصد.
وصلى الله على نبينا محمد