هكذا يتضح حجم التحولات الكبيرة التي يعيش العالم بدايتها بعد ١١/ ٩/٢٠٠١م والتي يراد فيها تقليص دور الشعوب والأمم والمجتمعات ومنظماتهم وحقوقهم في الحرية والكرامة والتعبير وذلك على أيدي بعض الزمر المتعصبة من رجال السياسة والدين والاقتصاد وتجار الحروب في أمريكا الجديدة وبوسائل متنوعة ودعاوى أو مزاعم متعددة معلنة وغير معلنة وكثير من تلك المزاعم والذرائع لا يمثل الحقيقة التي يراد لها أن تكون غائبة.
ورد في الإنجيل (يجب أن تعرف الحقيقة والحقيقة هي التي ستحررك) هذه حكمة إنجيل ((يوحنا)) مكتوبة في مدخل وكالة المخابرات الأمريكية في لانجلي / فرجينيا على أبواب واشنطن. ومن العدل قول الحقيقة عن حقيقة هذه القضية ولعلنا نلخص هنا من الحقيقة كنتائج كما فصلنا في ثنايا الدراسة:
أولا: أن القضية الكبرى في وقتنا الحاضر هي (الأمن العالمي) الذي هو مسؤولية الجميع حيث يمكن أكبر مصدر محتمل لعدم الاستقرار في كوكبنا اليوم فقدان الأمل واليأس اللذين يجلبهما الفقر إلى العديد من الأمم ومحاولة صرف العالم عن قضاياه الرئيسية والحقيقة يعتبر من مقوضات الأمن العالمي ... حتى أن الرئيس الفرنسي ((شيراك)) دعا إلى تشكيل تحالف دولي لمكافحة الفقر على غرار التحالف الدولي السابق لمكافحة الإرهاب في مؤتمر مونتيري وقال: ((إن ما هو ممكن ضد الإرهاب يمكن أن يكون ممكنا ضد الفقر ... !!)) وقد دعا البنك الدولي إلى ما يجب فعله قائلا: ((إن تحسين الاستقرار في الدول الخارجية من النزاعات وفي الدول الفقيرة التي تعاني من اليأس والإحباط مهم الآن بقدر ما كان قبل (٦٠) سنة عندما كان العالم يجاهد لكي يستعيد السلام ويجدد حياة الملايين من البشر فوجود مساندة أقوى عالميا لمكافحة الفقر هو الاستثمار الأفضل الذي يمكن أن يجعل العالم أكثر سلاما وأكثر أمنا لمستقبل أطفالنا)) ويقول: ((فالاستثمار في التنمية هو شيء خال من الأخطار ويجعل أمريكا والعالم أكثر أمنا ويزيد الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي العالمي ويقلل من الإحباط الذي يمكن أن يقود إلى العنف)).
ويؤكد رئيس البنك الدولي على أن الحاجة إلى المنظمات غير الحكومية ومنها الإنسانية والإغاثية أصبحت تتأكد أكثر من قبل!! قائلا:((خلال العقود الثلاثة المقبلة سينضم أكثر من ملياري نسمة إلى سكان الكوكب ٩٧% منهم سيكونون في الأمم الأشد فقرا وسيولد الكثيرون لينشؤوا في الفقر وينظروا إلى العالم على أنه جائر وظالم وينشأ عدم الاستقرار غالبا في الأماكن التي يرى فيها السكان الشباب – المتزايدون بشكل سريع – أن الأمل هو: تهكم أكثر من كونه وعدا بحياة مستقرة .. ).
فهل يعي العالم ماذا تعني مصادرة أو تهميش أو إقفال أو تجميد الأعمال التنموية المساهمة في الوقاية والعلاج والتي تقوم بها مؤسسات القطاع الخيري الإسلامي كغيرها من المؤسسات العالمية الإغاثية؟
ثانيا: أن الأعمال الأمريكية غير القانونية تحت مسمى (الحرب على الإرهاب) وباسم إحلال الأمن أصبحت مقوضا من مقوضاته وقد أصبحت تلك الأعمال وقودا للحرب وغذاء للعنف ومبررا لبقاء واستمرار ظواهر الإرهاب من الأفراد والجماعات بل إن الإرهاب من الأفراد والجماعات له الاستمرار حسب هذه الرؤية لأن الواقع السياسي والهيمنة العسكرية الأمريكية والإرهاب الحكومي الدولي بنظرية الصراع الحضاري وصراع الأديان.