[جهود المحدثين في بيان علل الحديث]
المؤلف/ المشرف:علي بن عبدالله الصياح
المحقق/ المترجم:بدون
الناشر:دار المحدث - الرياض ̈الأولى
سنة الطبع:١٤٢٥هـ
تصنيف رئيس:علوم حديث
تصنيف فرعي:علوم حديث - علل
الحمد لله تكفل بحفظ هذا الدين، وأقام له في كل عصر حملة ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين.
بين هذا البحث جانبا من هذا الحفظ، وهو جهود المحدثين في حفظ السنة النبوية من خلال بيان علل الأحاديث تعلما وتعليما وتصنيفا.
وإن من أبرز ما يذكر من نتائج البحث:
١. أن المحدثين بذلوا جهدا علميا ضخما ومستمرا على اختلاف الأزمنة والأمكنة لخدمة هذا الجانب من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا الجهد يعد مفخرة لعلماء المسلمين المعظمين لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصورة مشرقة في الذب عن سنته صلوات ربي وسلامه عليه.
٢. أن نبوغ هؤلاء الأئمة في علل الحديث لم يأت من فراغ، إنما هو نتاج رحلات طويلة ومستمرة للطلب والسماع، والكتابة والتصنيف، مع سعة الاطلاع، ويقظة تامة، وفهم ثاقب، صحب ذلك كله صدق وعمل ودعوة وصبر فحفظوا بتأييد رباني وفضل إلهي.
٣. أن الأندلس – وكانت يوما قلعة من قلاع الإسلام والعلم، وهي الآن معدودة من ديار الكفار – أخرجت لنا جهابذة في معرفة علل الأحاديث، وفي التصنيف فيه – وبنظرة إلى المبحث الأول من الفصل الأول يتبين هذا بجلاء-، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
٤. قلة من يتقن هذا الفن من أهل هذا الشأن على مرور الأزمان – ومع هذه القلة فقد سدوا جانبا كبيرا في هذا المجال -، وتقدم أقوال النقاد في هذا، وبيان أسباب ذلك في المبحث الثاني من التمهيد.
٥. أن العهود الذهبية لأئمة العلل ونقاده كانت في القرن الثاني والثالث والرابع ثم تناقص وقل.
٦. تفاوت الموصفين بمعرفة العلل أو التصنيف فيه في معرفته تفاوتا كبيرا، ففي كل زمان ومكان يوجد من بز أقرانه في هذا الفن، وأكثر الكلام على العلل ودقائقه وغوامضه:
أ- ففي القرن الثاني: نجد رأس هذه الطبقة: شعبة بن الحجاج، ثم يحيى القطان، وعبدالرحمن المهدي.
ب- وفي القرن الثالث: نجد رأس هذه الطبقة: علي بن المديني، ثم البخاري ويحيى بن المعين، وأحمد بن حنبل، وأبو حاتم وأبو زرعة الرازيان، ويعقوب بن شيبة.
ج- وفي القرن الرابع: نجد رأس هذه الطبقة: الدارقطني.
٧. تقدم الإمام علي بن المديني في هذا الفن على جميع أقرانه، وأقوال العلماء في إمامته وتقدمه في هذا الفن كثيرة، فلعل أقوال علي بن المديني في علل الأحاديث تجمع، ثم تدرس بعمق ودقة مع مقارنة كلامه بكلام النقاد الآخرين من أقرانه، ثم تستخلص النتائج من تلك الدراسات، ولا شك أن مثل هذه الدراسات العملية الجادة تعطي تصورا عن مناهج وطرائق وقواعد النقاد في إعلال الأخبار.
٨. المصلحة العظيمة التي تحققت من التصنيف والتأليف في ((علم علل الحديث))، قال ابن رجب: ((فلولا التصانيف المتقدمة فيه لما عرف هذا العلم اليوم بالكلية، ففي التصنيف فيه ونقل كلام الأئمة المتقدمين مصلحة عظيمة جدا)).
٩. أن التصنيف في علل الحديث بدأ في القرن الثالث، وكانت البداية العلمية العميقة على يد إمام هذه الصنعة علي بن المديني، وقد تفنن في التصنيف في هذا الفن.
١٠. أن المؤلفات في هذا الفن كثيرة، ومتعددة الطرائق في التأليف وقد تقدم ذكر أقسامها وتنوع مناهجها.
١١. أن الموجود من كتب العلل قليل، والمطبوع أقل، وفقد هذا النوع من الكتب قديم لعدم الاهتمام بها، وذلك لصعوبة علم العلل وغموضه.
١٢. أن الناظر في كلام أئمة العلل ونقدهم للأحاديث والآثار ليندهش ويطول عجبه، من دقة التعليل وبراعة النقد.
١٣. أن المنهج النقدي عند أئمة العلل شامل للأسانيد والمتون، لا كما زعم المستشرقون ومن قلدهم من جهة المسلمين أن المحدثين لم يلتفتوا لنقد المتون، وقد ذكرت في الفصل الثاني من الأمثلة ما يرد هذا الزعم.
١٤. ضرورة التنبه لبعض الأوهام التي وقعت لبعض الباحثين عند ذكر كتب العلل، وهي:
• إما في نسبة الكتاب لغير مؤلفه الحقيقي.
• أو في عد الكتاب من كتب العلل، وموضوعه ليس كذلك: فهو إما من كتب الشيعة الطاعنين في السنة النبوية!، أو يبحث في علل الشريعة أي مقاصدها أو علل القراءات وغير ذلك.