[إسهامات الفقهاء في الفروض الأساسية لعلم الاقتصاد]
المؤلف/ المشرف:رفيق يونس المصري
المحقق/ المترجم:بدون
الناشر:البنك الإسلامي للتنمية ̈الأولى
سنة الطبع:١٤١٩هـ
تصنيف رئيس:اقتصاد
تصنيف فرعي:اقتصاد - إسلامي
خاتمة
لم يكن علم الاقتصاد منفصلاً في تراثنا الإسلامي عن العلوم الأخرى، إلا أن هذا التراث العظيم قد ضم إسهامات عديدة لعلمائنا في الفقه والأصول، في مجال الفروض الأساسية لعلم الاقتصاد.
١ - ففي مجال الرشد (الرشاد) الاقتصادي، اتضح لنا اهتمام هؤلاء العلماء بصلاح المال حفظاً وتنمية وحسن إدارة، يضطلع به بالغ عاقل رشيد، غير ذي سفه ولا غفلة، بل عارف بمصالحه ومدرك لسبل التصرفات الرابحة. وقد حث الإسلام الأولياء على تأهيل أولادهم وترشيدهم واختبارهم، حتى يتمتعوا بأهلية عالية في الأداء والتصرف. وقد جعل الإسلام الولاية على القاصرين وناقصي الأهلية أو عديميها، ورتبها على أساس القرابة والحافز.
٢ - وفي مجال فرض بقاء الأشياء الأخرى على حالها، رأينا أن علماءنا قد سبقوا إلى صياغة قريبة من هذا الفرض، إذ عبروا عنه بقولهم: "والمسألة بحالها" أو "إذا تساوت (أو استوت) الشروط الأخرى". وهذا الفرض قد لا يغفل عنه الباحثون نظرياً، ولكن قد يغفلون عملياً، أو يسيئون تطبيقه، فتأتي نتائجهم وأحكامهم غير منضبطة.
٣ - وفي مجال فرض الندرة، اكتشفنا أن علماءنا على وعي كبير بها، في أبواب تطبيقية مختلفة، فلا عجب أن رأيناهم طرحوا المشكلة الاقتصادية، وصاغوها بعبارات معاصرة، وسعوا إلى حلها بطرائق مختلفة تناسب كل باب.
ولعل الذين أنكروا الندرة أو المشكلة الاقتصادية، أو كادوا ينكرونها، ما كانوا ليفعلوا ذلك لو أنهم اطلعوا أولاً على جهود هؤلاء الأئمة الكبار في هذا المجال. إنه يجب علينا أن نميز بين المشكلة وحلها.
٤ - وفي مجال فرض التعظيم، رأينا أن فقهاءنا لا يكتفون من بالحسن، بل يطالبوننا بالتي هي أحسن، كي لا يفوت الفرق بين الحسن والأحسن. وقد طبقوا هذا في المنفعة والربح والريع ... إلخ، وعبروا عنه بعبارات مختلفة، وكانت لهم في ذلك كتب وكتابات فريدة في بابها ومفيدة وواضحة، لا غموض فيها ولا تعقيد، لو أننا علمناها لطلابنا لتركت في نفوسهم أثراً فاعلاً، لا تقوى على بلوغه الكتب والكتابات الغريبة، التي لا تكاد تدخل في وعيهم، وإذا دخلت فإنها سرعان ما تخرج.
ترى هل يستطيع علماؤننا وباحثونا المعاصرون أن يبنوا على هذه الثروة الفكرية، في اشتقاق علوم إسلامية تضاهي علوم الحضارات السائدة اليوم؟
إن أهم ما نحتاج إليه في هذا الاتجاه هو صفاء العقيدة والذهن.
وبعد، فهذا ما قدمه الفقهاء المسلمون، فماذا قدم الاقتصاديون المسلمون؟ هذا ما قدمه الفقهاء القدامى، فماذا قدم فقهاؤنا المعاصرون؟