للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي عرض وتحليل على ضوء الكتاب والسنة]

المؤلف/ المشرف:محمد أحمد لوح

المحقق/ المترجم:بدون

الناشر:دار الهجرة - الخبر ̈الأولى

سنة الطبع:١٤١٦هـ

تصنيف رئيس:توحيد وعقيدة ومنهج

تصنيف فرعي:تصوف - صوفية

الخاتمة

بعد حمد الله تعالى وشكره على توفيقه إياي لإتمام هذا البحث أسجل أهم النتائج التي توصلت إليها مذيلاً إياها بما بدا لي من توصيات، وذلك في النقاط التالية:

الأولى: بالنظر إلى التصوف كمادة سلوكية يظهر أنه خليط من الأديان والفلسفات ونتائج أفكار الأمم البائدة، وبالنظر إلى رجاله الأوائل ندرك أنهم – نظراً لانتشار العلم في وقتهم – قد تمسكوا بالكتاب والسنة إلى حد لم يصل غليه من جاء بعدهم من المتصوفة. ومع ذلك نجد أنهم تأثروا بالثروة الثقافية الأجنبية المقتبسة من تلك الفلسفات تأثراً لم يسمح لهم بأن يطبقوا الكتاب والسنة في كل ما يعتقدون ويقومون به من أعمال.

يضاف إلى ذلك أن تغليب جانب العبادة عندهم أدى في كثير من الأوقات إلى عدم الاهتمام بالعلم، كما وصفهم به كبار النقاد كابن الجوزي. وهذا البعد عن العلم مع الحرص على العبادة أدى بهم إلى ابتداع شعائر وطقوس هي عمدة من جاء بعدهم من أهل التصوف.

وعلى هذا نستطيع أن نقرر بكل اطمئنان أنه لم يوجد قط صوفي طبق التعاليم الصوفية إلا وعنده انحرافات فكرية وعقدية ظهرت في عباداته وسلوكه، فإذا وجد على مدار التاريخ شخص أطلق عليه اسم (الصوفي) وخلت حياته الفكرية والعملية مما ذكرت فالتسمية خاطئة. ودعوى تطبيقه لتعاليم الصوفية غير صادقة.

الثانية: أن الزهد الذي حث عليه الإسلام وعرفه السلف الصالح ليس هو الزهد الصوفي، وليس هو النواة الأولى لنشأة التصوف كما يدعي بعض الباحثين ولا علاقة له به كما يزعمون. فالتصوف – منذ نشأ إلى اليوم – شيء، والزهد الإسلامي شيء آخر يغايرة مغايرة كاملة.

الثالثة: أن الحدود والتعريفات التي ضبط بها كبار الصوفية المتقدمون معاني (الزهد) و (التصوف) و (الولي) و (القطب) تمثل العمود الفقري لجميع معتقداتهم في قدرات الشخصيات المقدسة عند الصوفية.

وأرى أن الاهتمام بهذا الجانب يعد من أقرب السبل إلى معرفة عقائد المتقدمين منهم، وكشف مدى توغلهم في الانحرافات الفكرية والمنهجية، وفي ذلك ما يوصد الباب أمام أولئك الذين يريدون تبرئة المتقدمين من أهل التصوف من الوقوع في انحرافات متأخريهم. ولم أجد أحداً من الباحثين أعطى هذا الجانب أهمية تذكر، فآمل أن يقف قارئ هذا البحث على ما يؤكد له ذلك.

الرابعة: عمدت الصوفية إلى تقسيم الدين الإسلامي إلى شريعة، وحقيقة صوفية، وزعمت أن نصوص الشريعة لها ظاهر وباطن، وأن ظاهرها المتبادر إلى العقول والأذهان إنما هو للعوام والجمهور، وأما التفسير الباطني الذي هو لب الدين ومقصد الشارع الأساسي فلا يدركه إلا أولياء التصوف وأقطابه (العارفون الواصلون) ويعنون بهم أولئك الذين سقطوا في أوحال الحلول، أو في مستنقعات الاتحاد والوحدة.

وبهذا التقسيم تمكنوا من إقناع الجماهير بأن القيود والتكاليف الشرعية إنما هي للعوام، وأما أهل الحقيقة – وهم المقدسون عندهم – فلهم أن يخرجوا عن الشريعة ولا يسوغ لأحد أن ينكر عليهم.

وعلى هذا أستطيع أن أقول: إن الحركة الصوفية تستهدف إلى نقض عرى العقيدة الإسلامية الصحيحة عروة عروة، وتحاول أن تهدم جدار الشريعة المنيع. وتستقطب الصوفية في ذلك كل الأفكار والمبادئ والوسائل التي تساعدهم على تحقيق ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>