للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الاجتهاد الجماعي في التشريع الإسلامي]

المؤلف/ المشرف:عبدالمجيد السوسرة الشرفي

المحقق/ المترجم:بدون

الناشر:وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - قطر ̈العدد ٦٢ - السنة ١٧

سنة الطبع:١٤١٨هـ

تصنيف رئيس:أصول فقه

تصنيف فرعي:اجتهاد وتقليد

الخاتمة

وبعد أن أتيت على نهاية الموضوع، أرى من الواجب عليّ أن أسجل أهم النتائج التي انتهت إِليها الدراسة، وهي على النحو الآتي:

- الاجتهاد الجماعي هو استفراغ أغلب المجتهدين الجهد لتحصيل ظن بحكم شرعي بطريق الاستنباط، واتفاقهم جميعاً أو أغلبهم على ذلك الحكم بعد التشاور، وأنه بهذا يختلف عن الاجتهاد الفردي في كونه صادراً عن جماعة بعد اشتراكهم في مناقشته بطريقة شورية ... وأن الاجتهاد الجماعي يختلف عن الإجماع الأصولي في كون الأول لا يشترط فيه اتفاق كل المجتهدين، وإنما يكفي أغلبهم، بينما الثاني لابد فيه من اتفاق جميع المجتهدين.

- الاجتهاد الجماعي مر في تاريخه بمراحل أربع، الأولى: بدايته على يد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، وبعض عصور الدولة الأموية .. ثم توقفه وهيمنة الاجتهاد الفردي .. ثم الدعوة إلى وقف الاجتهاد عموماً .. ثم المرحلة الرابعة، وهي فترة اشتداد الحاجة إِليه في العصر الحديث، واهتمام العلماء بالدعوة إِليه وتنشيطه، ليكون هو سبيل الأمة في معالجتها لقضاياها المعاصرة وتقنين نظمها وتشريعاتها.

- لا بد أن يتوفر في كل عضو من أعضاء المجمع الاجتهادي، شروط الاجتهاد في حدها الأدنى على الأقل، وهي شروط المجتهد الجزئي، بعد الأخذ بالمخففات في الشروط العامة للمجتهد، ولا يصح الاجتهاد الجماعي من جماعة ليسوا مجتهدين.

- الاجتهاد الجماعي له أهمية كبرى في التشريع، لما يحققه من أمور كثيرة، ولعل من أبرزها أنه يحقق مبدأ الشورى في الاجتهاد، ويكون لذلك أكبر الأثر في دقة الرأي وإِصابته، وتجنيب الاجتهاد الأخطاء التي قد تقع في حالة الاجتهاد الفردي، وبذلك يستمر الاجتهاد، ويقطع الطريق على من قد يحاول إرباكه .. كما أن الاجتهاد الجماعي يحقق للأمة ما فقدت بغياب المجتهد المطلق وتعذّر الإِجماع، ويعوضها عن ذلك بالتكامل الذي يحققه المجتهدون بمجموعهم .. كما أن الاجتهاد الجماعي يعتبر من أنجح السبل إلى توحيد النظم التشريعية للأمة، كما أنه أفضل وسيلة لمعالجة قضايانا المعاصرة، التي تشابكت فيها الأمور، وتداخلت فيها العلوم، وأصبح النظر والاجتهاد فيها لا يتحقق سليماً إِلا برؤية جماعية.

- حجية الاجتهاد الجماعي ليست في منزلة حجية الإجماع – بالمعنى الأصولي – التي تكون قطعية يحرم مخالفتها، ولكنها حجية ظنية يكون اتباعها أولى من غيرها، إِلا إذا صدر بتنظيم الاجتهاد الجماعي قرار من ولي الأمر، فيجب اتباع ما يتوصل إِليه بالاجتهاد الجماعي والالتزام به.

- أهم المجالات التي يجب أن يركز عليها الاجتهاد الجماعي ويصب اهتمامه بها، تتمثل في استنباط الأحكام للقضايا المستحدثة، التي لم تبحث من قبل الفقهاء السابقين، وكذلك القضايا التي سبق بحثها من قبل الفقهاء السابقين ولكن تعددت فيها آراؤهم، فيسعى المجمع إلى انتقاء أرجح تلك الأقوال وأنسبها لواقع الأمة ومصلحتها .. كما أن على المجمع أن يركز على المسائل التي صدرت فيها أحكام ولكنها بنيت على أسس تتغير لتغير الزمان والمكان أو العرف أو المصلحة .. كل تلك المجالات لا يصلح فيها الاجتهاد إِلا أن يكون جماعياً، أما إذا كان فردياً فلربما أتى على الأمة بالكثير من الأخطاء والمشاكل .. وقد أوردت – أثناء شرحي لتلك المجالات – الاعتبارات التي تلزم أن يكون الاجتهاد في تلك المجالات جماعياً.

- الوسيلة المثلى في عصرنا لإقامة الاجتهاد الجماعي هي المجمع الفقهي العالمي، الذي يضم أغلب المجتهدين في الشريعة الإسلامية، ومعهم فريق من العلماء والمفكرين المتخصصين في شتى العلوم والمعارف الإنسانية، ويسعى المجمع إلى تحقيق مجموعة من الأهداف تصب في الاهتمام بمشكلات الأمة ووضع الحلول الشرعية المناسبة لها، والسعي إلى توحيد التشريعات لكافة الأقطار الإسلامية، ليكون بذلك نواة لوحدة الأمة الإسلامية، وأساساً للقائها الفكري والحضاري، وإِثراء فقهها الإِسلامي، على أن يلتزم في تكوينه بمجموعة من الأسس تجعل منه منارة علم وأساس نهضة، بعيداً عن الأهواء والهيمنة السلطوية أو النزعات الضيقة.

تلك هي أبرز النتائج التي توصل إِليها البحث، والله أسأل أن يكتب لنا التوفيق والسداد، إِنه على ما يشاء قدير.

<<  <  ج: ص:  >  >>